كتب : محمد السجيني
التقييم : 4/5
بطولة : رود تايلر ، تيبي هيدرن
إخراج : ألفرد هيتشكوك (1963)
في قصّة الطوفان
الشهيرة ، تُمطر السماء وتغرق الجميع كفعل من أفعال الطبيعة ، الا نوح وعائلته ،
وفي الختام يظهر قوس قزح كإشارة الي وصول الرعب الي نهايته ، وفي فيلم هيتشكوك هذا
يظهر أمر مُشابه ، الطيور تهاجم البشر بدون سبب واضح ، يحاول أبطال الفيلم الهروب
من الجزيرة ، لكن هيتشكوك لا يعد بنهاية سعيدة ، يرفض أن يُريح مُشاهده ولا يُنهي
حلقات الرُعب .
بنائيّة الفيلم هُنا
تبدأ عادية ، حيث يبدأ الفيلم بداية رومانسيّة هادئة مُحاولاً فتح المجال لقصّة
تربط بين الثريّة ميلاني والشاب الوسيم ميتش حيث يلتقيان في محل لبيع الطيور وتتطوّر الأمور حتي تذهب ميلاني الي
بيت ميتش لتوصيل هدية الي شقيقته الصغيرة ، وتتداخل بإضافة
المُعلّمة آني الضلع الأخير في ثالوث الحُب . تبدأ أحداث الفيلم في التصاعد
والتحرّك تجاه اللا مألوف بداية من الطير الذي يُهاجم ميلاني الي مُهاجمة
الطيور للحفلة تاركة المُشاهد في حالة ذُعر واستفهام شديدين .
قُدرة هيتشكوك في
هذا الفيلم علي صُنع لحظات الاثارة عبقريّة بحق ، هذا الرجُل يملك مقدرة عظيمة علي
جعل شخصيّاته كدُمي ساكنة في عالم يعيش فيه التهديد المُتواصل ويحيط به العُنف من
كل الجهات ، وحتي في نهاية الهجوم الختامي لفيلم الطيور ، الطيور هنا ترمز الي
صراع للبقاء ، فالرعب يظل قائماً وما يخيفنا حتي بعد انتهاء الفيلم هو ادراكنا
التام بأن الطيور لا زالت هُناك ، وبأن طريق ميتش وعائلته لن يكون
وردياً . هيتشكوك يجعل من الطيور
شخصيّة من شخصيّات الفيلم ، يجعلك تترقّب ظهورها وهجومها علي البلدة ، ويشحن كل
أدواته من مونتاج سريع تصاعدي وشريط صوت مُمتاز جداً ، وأخص بالذكر مشهد هجوم
الطيور علي ميلاني في الغرفة العلوية ومحاولتها للهرب الي أن يأتي ميتش وينقذها .
في مَشهد المقهى
يُقدّم هيتشكوك شخصيّات تُبدي خوفها وتفسيراتها لما يحدُث ، البعض يري
أن الطيور عقاب من الله ، والبعض يري أنّها نهاية العالم وانتقام من الطبيعة ، فيما
رأي البعض انّها جاءت فقط لأن ميلاني فأل سيء علي البلدة ! الطيور هُنا ترمز الي القلق
والرعب والمرض والوحشيّة ، الطيور هُنا هي ببساطة "الرُعب"
المُحتمل حدوثه في أي لحظة ، سواء كان هذا الرعب انساني الصُنع او بلا مُبرّر أو
سبب ، ونهاية الفيلم تمنح المُشاهد فرصة واستراحة للتفكير ، الطيور لا تتحرّك ولا
تُهاجم ، لكن هل يستطيع ميتش النجاة ؟ أم ان هُناك خطر في الطريق ؟
0 التعليقات :
إرسال تعليق