كتب : محمد السجيني
التقييم : 5/5
بطولة : تاتسويا ناكاداي ، أكيرا تيراو
إخراج : أكيرا كوراساوا (1985)
يحكي الفيلم قصّة هيديتورا الذي
طعن في السن ويجمَع أولاد ليتنازل عن العرش لابنه الأكبر تارو ويحتفظ لنفسه
بصلاحيّات شرفيّة مع ثلاثين جندياً من المُحاربين وخيرة رجاله ، أغضب قراره ابنه
الأصغر سابورو فيطرده والده ليلجأ الي مُقاطعة مجاورة لأمير اسمه فوجيماكي ،
وبعد ان استقرّت الأمور في يد تارو استمع لزوجته كايدي الحاقدة على هيديتورا لأنه هزم عائلتها من قبل وسلب ملكهم ، ورفض تارو منح أبيه
الامتيازات التي اتفقوا عليها ، فيخرج مع رجاله ليلجأ الي ابنه الأوسط جيرو الذي
يرفض بدوره استقبال والده ، يرحل هيديتورا الى ابنه الأصغر لكن جيوش تارو و جيرو يتبعانه
ويقضيان علي رجاله ، ويخرج هيديتورا من بين الحطام فاقد الادراك ، ويتم قتل تارو ليصبح جيرو هو الملك
وتسيطر عليه كايدي هو الآخر برغم مُعارضة قوية من أنبل رجاله كوروجان ، أما
هيديتورا فيفقد عقله ويسير هائماً معه خادمه الوفي تانجو
والمُهرّج الأبله كاي وامي ، يقوم سابورو بالعودة لمُساعدة أبيه ويشتبك مع جيوش جيرو ويربح
المعركة رغم وفاة (سابورو) أمام عيني والده الذي يلحق بابنه مُتأثراً بوفاة ابنه
، أما جوروجان فيقوم بقطع رقبة (كايدي) لأنها السبب في
الكارثة التي حلت بالعائلة .
في محاولتين سابقتين
لمُعالجة الملك لير سينمائياً كانت نُسخة 1971 لبيتر بروك مُتأثرة بشكل أكبر
بالمسرحيّة في التنفيذ ، والمقصد هُنا أن الديكور واقعي والمُعالجة منطقيّة ولا
تخرج كثيراً عما اراد شكسبير أن يقوله ، وفي نسخة كوزينتسيف في نفس
العام كان لها خلفيّة ونفساً روسياً لا يُمكن تجاهله
. في اقتباس كيروساوا هذا يبدو الأمر أكثر أصالة مما سبق ، كيروساوا
يُقدّم العمل بصورة أكثر انسانيّة ، بدأ كيروساوا الحكاية في السبعينات حين قرأ عن سيد اقطاعي يُدعي موري قام
بتوزيع أراضي استولي عليها بين ابنائه الثلاثة ، وهُنا ربط بين شكسبير وبين القصّة
القادمة من التراث الياباني ويبدو هذا المزج في قمّة عظمته مع اضافة شخصيّة مثل (كايدي) كإشارة
للصراع العائلي والسياسي الذي ساد في حكايات التراث الياباني ، والمعروف انه يئس
من تمويل الفيلم في اليابان وموّلته شركة فرنسية بـ12 مليون دولار وواجهته ظروف
صعبة بوفاة زوجته بعد هذا الفيلم تحديداً يُمكنني القول ان كيروساوا هو
أعظم من نقل المعارك الي الشاشة ، هُناك حالة مُعايشة عظيمة في داخل المعركة تشعرك
انّك جُزء منها ، المعارك الحربية في الفيلم جُزء هام من حكايته ومناسبة لحالة
الضياع التي تنتاب شخصيّاته ونهايتها المأساوية .
المعارك هُنا لوحات
فنيّة عن المدى الأقصى الذي يُمكن أن تصل اليه قسوة الانسان ، تجسيد عظيم حقاً
لكوارث الحروب و للحظة فاصلة بين الحياة وما يتبع نهايتها شريط الصوت في الفيلم
انجاز مُميز مع أصوات الرايات أو صليل الأسلحة او هبوب الرياح ، هذا بالإضافة الي
بصمة مُميّزة في صورة المشاهد الخارجيّة مع الوان غزيرة ، اما المشاهد الداخليّة
كانت تمتاز بالبساطة للتأكيد علي تقديم الأصالة والبيئة اليابانيّة بالإضافة لكل
هذا لا يُمكن اغفال النَفَس الذي أضافه كيروساوا العجوز السبعيني علي شخصيّة هيديتورا مسنودة بأداء عظيم من
تاتسويا ناكاداي ، وهو برأيي أمر يستحق الثناء وحده .
0 التعليقات :
إرسال تعليق