كتب : فراس
محمد
التقييم : 5/5
بطولة :
لينو فينتورا ، بول موريس ، سيمون سينيوريه
إخراج :
جان بيير ميلفيل (1969)
دوما العودة لسينما جان بيير ميليفيل تحمل اضافة من نوع
ما للمشاهد , إن بحثت عن البطولة في افلام هذا الرجل , ستجد انها تتضمن ثنائية –
العزلة والسرية - , شخصيات ميليفيل بحاجة للعزلة , فهي اصبحت شريكها الدائم , بنفس حاجتها للسرية , هي
رأسمالها الوحيد لتكون قادرة على ممارسة أدوارها بعيدا عن الانظار , هذه الثنائية
التي كان يمثلها آلان ديلون في افلام ميليفيل في دور القاتل المأجور , ميليفيل , لا يكتفي بمنح هذه
الثنائية بطولة افلامه , بل سحر افلامه يكمن في تأقلم وتعايش وتوحد شخصياته معها .
إن اردت ان تستوعب اسلوب ميليفيل فليس هذا الفلم
المناسب لذلك , كما افلام Le Samouraï أو Le
Cercle Rouge , الافلام التي قدم من خلالها آلان
ديلون , دور الرجل الغامض الذي يؤدي عمله بصمت , لدرجة اصبح هذا العمل هو
الجزء المسيطر في حياته , هو المحرك الاساسي له , وهنا عدسة ميليفيل تتخذ دور الراصد
لعزلة هذا الشخص , ولتحركاته وعينيه , لتترك المشاهد في حيرة ولذة اكتشافه ,
وتخمين كم الافكار التي تدور في راسه , اسلوب ميليفيل كله يتمحور حول
ايصال شعور الحاجة لمراقبة هذه الشخصية , وانتظار افعاله وتحركاته .. ولتحقيق هذه
الرؤية الاخراجية , يتعامل ميليفيل بحزم وصرامة مع مونتاج الفلم وتوظيف اصوات محيط شخصيته , وهذا ما
يخلق اثارة سينمائية نادرة وفعالة , ففي لحظات الذروة مثلا لن تجد اثارة اكثر
تعبير من صوت ساعة يتحرك عقرب ثوانيها في الخلفية مع حركة بطيئة للكاميرا .
ميليفيل في هذا الفلم , لجأ للتعميم , لتعميم هذا الاسلوب , في تصوير ثنائية
العزلة والسرية , وقد وجد الموضوع الملائم لذلك باقتحامه لعالم اكثر المنظمات
السرية في اوروبا خلال الاحتلال النازي لفرنسا , هذه المنظمة كانت تمثل لميليفيل ما يمثله آلان
ديلون في فلمه Le Samouraï .
كما عادة ميليفيل , في طرح شخصياته , يجب ان تتعامل مع أولوياتها بحذر حتى وإن تعارضت
مع الصح والخطأ , مع الاخلاقيات التي عادة ما ترتب الاولويات ضمنها , هنا , السرية
, تلتزم بترتيب هذه الاولويات , وشخصيات ميليفيل في هذا الفلم كثيرا
ما واجهوا مفاصل اخلاقية في التعامل مع المواقف التي يجدون فيها انفسهم بداعي
ترتيب الاولويات, وهنا يلجأ ميليفيل للتكثيف , في الرصد
, في خلق الاثارة , لذلك استطيع ان اعتبر افلام هذا الرجل , افلام ستايل , أو بصمة
, افلام اسلوبية , وهذا ما جعلها تحتل مكان الافلام المرجعية في كثير من الاوقات .
عندما شاهدت هذا الفلم , فكرت انه كان على بن
افليك مشاهدة هذا الفلم قبل شروعه في اخراج فلمه الاخير Argo , لوضع بعض الرتوش على
طريقته في اخراجه , باعتبار هذا الفلم واحد من العرابين الروحيين لسينما الاثارة
السياسية , ربما حينها لم يكن ليصبح المرشح الاول لنيل اوسكار افضل فلم , ولكنه
سيكون اكثر قرباً من الترشح لأوسكار افضل اخراج .
0 التعليقات :
إرسال تعليق