كتب : ياسر ريحاوي
التقييم : 4.5/5
بطولة : دراغوس بوكور ، فلاد
إيفانوف
إخراج : كورنيليو بورمبويو (2009)
الفيلم الطويل الثاني لكورنيليو بورمبويو أحد مخرجي الحركة الجديدة من الأفلام
الرومانية والتي أصبحت تسمى الموجة الرومانية الجديدة يقدم نوعاً من الكوميديا الخاصة به
مع التركيز مجدداً على المواضيع التي اهتمت بها الحركة في نقل الحياة الرومانية,
في هذا الفيلم تحديداً عن الفترة التي تعيشها رومانيا حالياً بعد
الانضمام للاتحاد الأوروبي ومحاولة التخلص من أشباح الأنظمة القديمة الشيوعية وما
خلفته من قوانين وأساليب تفكير عند أصحاب القرار.
يتحدث الفيلم عن الشرطي كريستي ويومياته ويركز على إحدى القضايا التي وكل بها وهي
محاولة القبض على أحد المراهقين الذين يشتبه بتوزيعهم المخدرات, يعترض كريستي على
رغبة رؤسائه بالقبض على الشاب وإلقاءه في السجن وتحطيم حياته بسبب قانون سيتغير
بعد عدة سنوات حتماً نتيجة لموجة التغيير التي تجتاح رومانيا, يستخدم كورنيليو
أسلوباً شبه وثائقياً في تصوير يوميات الشرطي, الروتين والبيروقراطية والملل
للحياة الرومانية اليومية تلتقط بأسلوب شديد السخرية وباستهزاء خفي في أحيان وواضح
في أحيان أخرى.
مشاهد الفيلم الحوارية قليلة جداً ومع ذلك تظهر موهبة كورنيليو
الواضحة في كتابة الحوارات الساخرة والمحفزة فكرياً, في أحد المشاهد يستهزأ كريستي بأغنية
تستمع لها زوجته ويسأل عن معاني الكلمات والرموز فيها, الأغنية سخيفة وتافهة فعلاً
إلا أن هذا الحوار هو مقدمة لما سيتكلم الفيلم عنه لاحقاً في أسئلة مهمة عن معنى
الكلمات والرموز في مجتمع تمت السيطرة عليه من قبل أشخاص محددين وضعوا تعريفاً لكل
شيء بهدف التقييد والمحافظة على الانصياع لأوامرهم, كريستي الذي يحاول الخروج
والتمرد على هذا النظام المنغلق يتعرض لتوبيخ من رئيسه في العمل في مشهد الفيلم
الأهم أو مشهد الذروة إذا ما اعتبرنا الفيلم بوليسياً.
نوعية أفلام التحقيق تتعرض لمعالجة فريدة ومختلفة هنا من كورنيليو,
تصبح العملية البوليسية وملاحقة اليوميات والأسئلة الفكرية التي تمتلئ بها القضية
أهم بكثير من حل اللغز أو معرفة المجرم كما هي العادة لهذا النوع السينمائي, لا
يكتفي الروماني بذلك بل يضيف لمسة كوميدية سوداوية تنظر لحياة كريستي بنظرة
عبثية وتؤكد لنا مع كل مشهد جديد بأنها حياة لا معنى لها, مشهد الذروة بسخريته
وسوداويته هو نفسه ضحكة كبيرة على المشاهد الأخيرة لأفلام هذه النوعية, وعلى الرغم
من كل تلك المشاهد ذات اللقطات الطويلة والتي تلتقط الملل والروتين لا يصبح الفيلم
مملاً, ربما السبب مرة أخرى هو السخرية الخفية الموجودة في كل حركة أو جملة تمر أمامنا
والتي تعطي الفيلم بعداً مختلفاً وأسلوباً شخصياً لمخرجه, قد يبدو كورنيليو
عابثاً أو مستهزءاً بكل ما حوله ولكنه ليس استهزاءاً عدمياً بل هو سخرية نقدية
للمجتمع الروماني الذي يهاجمه.
0 التعليقات :
إرسال تعليق