كتب : أحمد أبو السعود
التقييم : 3.5/5
بطولة : تاكيشي كيتانو ، كايوكو
كيشوموتو
إخراج : تاكيشي كيتانو (1997)
قبل صدور الفيلم بحوالى
3 سنوات تعرض تاكيشي كيتانو - مخرج الفيلم - لحادث دراجة نارية كادت أن تودى
بحياته و لكنها تركت نصف وجهه الأيسر مشلولاً غير قادر على إظهار أى تعبيرات عليه ،
يبدو أن الحادث ترك أثراً نفسياً عميقاً داخل تاكيشى ، أثر جعله يحمل
غضب كبير تجاه العالم بأسره ؛ غضب ترجمه هو على شكل فيلم قام ببطولته و كتابته و إخراجه
.
يحكى الفيلم عن المحقق
نيشي الذى يظهر منذ بداية الفيلم كرجل على وشك أن يفقد كل شيء ؛
ابنته الصغيرة ماتت في حادث و زوجته تحتضر من سرطان الدم ، معلومات سريعة يقذفها المخرج
في وجهنا بهدوء و كأنه يصب غضب ما علينا ، بعد قليل يفقد نيشي أحد أفراد طاقمه
في عملية إطلاق نار ، و رفيقه يتعرض لإطلاق نار فيفقد قدرته على الحركة ، لا يهتم المُخرج
هنا بكيفية حدوث الحادث و لا بأسبابه ، هو يهتم بالنتيجة التي - تدريجياً - ستظهر آثارها
النفسية المؤلمة على البطل ، يترك البطل الخدمة في الشرطة - لأسباب لم يهتم المخرج
أيضاً بإيضاحها - و يُكرس وقته بعد ذلك لرعاية زوجته المريضة و يقع فريسة لأحد المُرابين
الكُبار ، عدم اهتمام السيناريو بالأسباب أعطاه مساحة جديدة كي يصول و يجول فيها ،
لم يأخذ السيناريو شكل أفلام الشرطة المتعارف عليها حيث الانتقام و الجريمة و هذه الأجواء
، السيناريو يتبنى مساحة نفسية داخل شخصية البطل ، حيث انهيار العالم من حوله و ازدياد
الغضب داخله و عدم قدرته على تفريغ شحنة الغضب تلك ، صديقه الذى فقد قدرته على الحركة
يجد فى الرسم طريقة تجعله يتواصل مع العالم و يتماهى بالرسم مع مرور الوقت و الزمن
، نيشي في المقابل يتوه ما بين رعاية زوجته و ما بين ديونه التي تتراكم
، هنا يهبط السيناريو كثيراً و يتخلى عن المساحة التي تبناها منذ البداية ليخرج الفيلم
مُشتتاً تائهاً ... لكن كيف ؟
لا يُفرّق السيناريو بين
المساحة النفسية التي تجعل نيشي مُجرماً أو مُختل عقلياً أو إنساناً عادياً يحمل بداخله غضب
مكتوم ، نيشي يسرق و يقتل و يؤذى من حوله - ربما باستثناء زوجته و صديقه
- و لكن يتجاهل السيناريو ما كان يبنيه في شخصية نيشي كونه رجل شرطة و
زوج مخلص و إنسان طيب - كما يقول عنه زملائه - ، لن تجد هنا أي صدى مدروس و مؤثر لتورط
نيشي مثلاً مع المُرابين و حتى الحادثة التي أودت بحياة أحد زملائه
- إذا تغاضينا عن تجاهل تداعيات حدوثها - تبدو طفولية من فقر الاهتمام بتفاصيل حدوثها
و الكيفية التي تمت بها ، ليبدو لنا في النهاية أن المساحة التي أراد السيناريو أن
يلعب فيها لم تكن إلا خدش للسطح فقط بدون أدنى اهتمام بتأسيس نفسى قوى لشخصية البطل
و للظروف التي أحاطت به ، فظهر الفيلم في النهاية أنك أمام شخص غاضب ، تعرض لمصائب
، و يصب غضبه هو على من حوله بداعٍ و بدون داعٍ .
على الجانب المضيء تاكيشى كيتانو
يبدو أمام الكاميرا اختياراً مُناسباً جداً لشخصية تحترق غضباً من الداخل و تبدو غير
مهتمة من الخارج ، و خلف الكاميرا يخلق هو إيقاعاً هادئاً مُناسب أيضاً جداً لطبيعة
الشخصية ، و المقطوعات الموسيقية التي يوزعها على مدار الفيلم تبدو كما لو كانت نابعة
من الجزء الأبيض الذى مازال يحمله نيشي في داخله ... مُجملاً مشكلة الفيلم الكبرى في السيناريو الذى
تجاوز - بنجاح - كليشهات محفورة في الأذهان و لكنه فشل في استغلال المساحة الجديدة
التي كانت أمامه .
0 التعليقات :
إرسال تعليق