كتبت : فاطمة توفيق
التقييم : 4.5/5
بطولة : إيغور فومتشينكو ، فلاديمير زمانسكي
إخراج : آندريه تاركوفسكي (1961)
بين اللغة الشاعرية
لتكوين الصورة، و رِقّة ما تنقله من مشاعر وأحداث، يغمرك فيلم The Steamroller and
the Violin والذي أخرجه تاركوفسكي في عمر الثامنة
والعشرين كمشروع تخرجه، يغمرك الفيلم بحالة سلام رقيقة للغاية، وأنت تشاهد تلك
الصداقة تتكون بين ساشا ذو السبع سنوات عازف الكمان الذي ينعكس انبهاره بالجمال وبتفاصيل
الحياة المختلفة على وجهه الطفولي البريء ، وسيرجي عامل رصف الطرق المدخن
العائد من الحرب، الفيلم يعكس عبقرية تاركوفسكي والذي اختار مثل هذا الموضوع الصعب
(صداقة بين طفل صغير ورجل كبير) ليجعله موضوع فيلم تخرجه وكان قد عكف على كتابة
سيناريو الفيلم لمدة ستة شهور مع زميل دراسته آندريه كونشالوفسكي.
في الفيلم نشاهد عالم
ساشا
الصغير بين مضايقات أقرانه، وإعجابه برفيقة درسه، هذا المشهد بالذات الذي يخص
الفتاة الصغيرة مُبهر تماماً بما يحتويه من جمال وتسلسل لأحداث موقف بسيط في عالم
الأطفال في مشهد صامت تقريباً، قدرة تاركوفسكي على تقديم هذا المشهد بتلك السلاسة
والجمال تنبئ بعبقريته فيما قدمه من أفلام تالية أبهرت العالم وكانت إلهاماً
لمخرجين كبار من بعده، كما نشاهد حماسة ساشا لتفاصيل صغيرة في عالم كبير منشغل عنه
كانعكاس الصورة على مرآة متعددة الأوجه أو كهدم مبنى كبير على سبيل المثال.
ونشاهد عالم سيرجي
بين مشاكل الآلة التي يعمل عليها، والفتاة المعجبة به، وتدخينه وحديثه عن الحرب،
واهتمامه بتكوين صداقة مع هذا الطفل الصغير وهو يعامله كأنه رجل كبير، ينبهر
بعالمه ويتناقش معه ويعلمه من قيم الحياة إذا لزم الأمر.
يظهر اهتمام تاركوفسكي
من خلال شخصية سيرجي بموضوع الحرب، والذي كان قد تعرّض له من قبل خلال فيلم قصير
يسبق هذا الفيلم ثم من خلال Ivan’s Childhood الذي تلى هذا الفيلم،
سيرجي
الذي آلمته الحرب وكسرت من روحه ولكنها لم تفسد فطرته، وهذا ظهر في قدرته على
تكوين صداقة مع الطفل الصغير في وقت قليل، ربما كان الطفل الصغير هو مرآة تعكس
وتوضح البراءة التي لازالت تسكن روح سيرجي رغم كل شيء، البراءة التي يصعب تخيلها
تحارب في خضم الحروب والمعارك، ربما إظهار هذه البراءة في روحه كانت طريقة تاركوفسكي
في التعبير عن مقدار ظلم الحرب التي تستخدم فيها أشخاص بريئين كسيرجي
وأمثاله.
في نهاية
اليوم/الفيلم ، تتعجب من تلك الصداقة القوية التي ربطت بين شخصين ذوي عوالم مختلفة
تماماً عن بعضها، وجعلتك أنت كمشاهد ترتبط بهما وبما تكوّن بينهما وأنت تتذكر كل
تلك التفاصيل الطيبة التي كانت أحداثاً في يوم شخصين طيبين كـ (ساشا) و (سيرجي).
0 التعليقات :
إرسال تعليق