كتب : محمد السجيني
التقييم : 5/5
بطولة : سيلفيا بينال ، فيرناندو ري
إخراج : لويس بونويل (1961)
طوال تسلسُل مُشاهداتي
السينمائية ، لم يسبق لي أن تجاوزت مُشاهدة أكثر من سبعة أفلام مُتتابعين لمُخرج
واحد مُطلقاً ، لكن يأتي الأسباني العظيم لويس بونويل ليحطّم القاعدة تماماً ، شاهدت له عشرة أفلام علي
مدار اثنا عشر يوماً ، البعض منها كان اعادات والبعض يُشاهد لأوّل مرّة ، المُهم
أنني في النهاية لم أشعر بمثل هذه النشوة السينمائيّة من قبل . هذا الرجُل حالة فريدة في تاريخ السينما ، بصمته الواضحة جداً في
أفلامه ، ثوريته وهجائيته لكل ما هو غير أخلاقي ، نزعته السيرياليّة في تقديم موضوعاته
، دائماً كان بونويل ينتقد المُلّث المكون من (السلطة الأبويّة - السلطة الدينيّة - البرجوازيّة) وكان نقده شديد السخرية والقسوة ، هو تماماً
كما وصفه ايبرت حين قال انّه المُخرج الأكثر ايذاءًا في السينما
.
يحكي الفيلم قصّة
فتاة تُدعي فيرديانا تُنذر حياتها للرهبنة ، وقبل أن تفعل ذلك تذهب في
زيارة الي قريبها الثري الذي يملك قصراً فخماً ، تقضي فيرديانا هُناك بعض الأيّام وقبل
عودتها يُصارحها قريبها عن حبّه فترفض بشدّة لكنّه يخدّرها ويحاول خداعها لتبقي
لكنّها تُصر علي الرحيل ، لكنّها تعود مرّة أخرى بسبب حادثٍ انتحار قريبها ،
وتقرّر التكفير عن شعورها بالذنب بالبقاء في القصر ، وتقرّر جمع مجموعة من
المتسوّلين والفقراء ليعملوا في الأرض مُقابل اطعامهم ، وذلك في نفس الوقت الذي
أتي فيه جورجي ابن قريبها الثري ليقيم في القصر ويحاول استمالة الفتاة
فترفض مُجدداً ، ذروة الفيلم تأتي مع ذهاب فيرديانا وجورجي والخادمة الي المُحامي وخلو المنزل تماماً ، فيقوم المتسوّلون
باقتحام القصر فيأكلون ويرقصون ويكسّرون المكان ، وحين خروجهم تأتي فيرديانا وجورجي ، يحاول
أحد الفقراء اغتصاب فيرديانا ، لكنّها تنجو من الاغتصاب بعد أن خدع جورجي الرجُل
بالأموال ، وفي نهاية الفيلم تجلس فيرديانا مع جورجي والخادمة علي مائدة واحدة للعب الورق .
يبدو مُثلث بونويل ظاهراً
جداً هُنا ، لكن الأوضح هو تهكّمه من السلطة الدينيّة ، فيرديانا التي تمثّل
النقاء والطهارة ومنظومة القيم الأخلاقيّة والدين لم تجد نصيراً لها في النهاية
سوي من رأتهم أشخاصاً سيئين ، ساعدت الفقراء وصلّوا معاً لكنهم في أقرب فرصة عادوا
الي الغريزة وانقلبوا عليها وحاولوا اغتصابها ، بونويل هُنا لا ينقلب
علي الدين فحسب ، وانما يُهاجم الانسان نفسه ، يصوّر - في لحظات اقتحام الفقراء
للقصر - الانسان في أبشع صورة مُمكنة ، فمهما حاولت أن تُساعده سيعود ليفكّر
بغرائزه ويتصارع علي نزواته من طعام ونساء ويهدم المعبد علي الجميع .
رمزيّة بونويل في هذا
الفيلم مُباشرة وقويّة وتحمل الكثير من روح الرجُل ، مُذهل جداً في استخدام لوحة
العشاء الأخير لدافنشي ، أو في الصليب الذي يخرج منه السكّين ، وعلي الرغم من ان
الحكاية شائكة ومُعقّدة الا ان الامتاع لا يغيب بايقاع لا يهتز لثانية واحدة طوال
أحداث الفيلم ، خلال ما شاهدت لبونويل حتي الآن ، هذا الفيلم هو لوحته الأعظم علي الاطلاق .
0 التعليقات :
إرسال تعليق