كتب : فراس محمد
التقييم : 4/5
بطولة : جيوفانا
ميزوجيورنو ، فيليبو تيمي
إخراج : ماركو بيلوكيو
(2009)
حتى لو بدى الفلم يناقش شخصية تاريخية معروفة , او جزء منها , يظهر
اسلوب مخرج كبير كماركو بيلوكيو بأن يحولها في فلمه لشخصية ثانوية , وتبقى محور كل
الاحداث , تبقى طيلة ساعتين من الزمن محافظة على قوتها الوهمية المؤثرة في كل مشهد
وفي كل تحول , وهذه سمة المخرج الذي يعرف كيف يستغل (ما نعرفه عن الشخصية بدل ان
يعيد صياغتها) ، وهذا ما ركز عليها الفلم بأنه دعم هالة شخصيته وبصمتها لدى
المُشاهدين ليعكسه على كل نواحي الفلم الاخرى ، ومن ضمنها شخصيته الرئيسية ..
عشيقتة موسيليني
, الذي تحول بالنسبة لها من هوس لمرض ، أو من حب لكره , وهو المفصل الذي عمل عليه
الفلم ليبرره ، حتى ولو كان التحول من حب مرضي , لكره مرضي .
بدأ الفلم من موسيليني الداعم للحرب , الشاب المتحمس للحرب وللثورة
و للإطاحة بالملك , قدمها كشخصية لها كاريزما آسرة لا يرف لها جفن , كل المبررات
التي يمكن ان تقدم لتبدأ قصة الحب هذه قدمها وكأنها قصة من قصص الثورة ، ومع تطور
شخصية موسيليني
, بدأت تختفي صورة الشاب الطموح وتحل محلها صورة الديكتاتور الفاشي , كرجل الفاشية
بالنسبة له ليست عقيدة سياسية او طموح الحفاظ على السلطة او الرغبة بأن يكون شخصية
تستطيع التواجد في كتب التاريخ ، بل كانت عنصر داخلي ومكون اساسي في شخصية هذا
الرجل , وايدا عشيقته كانت تحب فيه وحشيته اتقاد ذكاءه وفاشيته ، قبل ان تتجرع هذا
السم وان ينقلب السحر عليها كواحدة من اشرس داعميه لواحدة من اشرس معارضيه .
بيلوكيو اقصى شخصية موسيليني
بمجرد ان صعد للحكم , وبطريقة ذكية استعاض عنها بالمقاطع الوثائقية التي اكملت
صورة موسيليني وعمليه التحول لديه , ليتفرغ لقص رواية عشيقته , التي قدمتها بشكل
رائع جيوفانا ميزوغيورنو , من بداية عشقها له وتصوير مدى هوسها به خصوصا من
الناحية الجسدية , المشاهد الجنسية في هذا الفلم ذكرتني بمثيلتها في تحفة انغ لي Lust, Caution , وحولت هذه الفتاة لأسيرة هذه الشخصية المتملكة الجبارة .
شخصية موسيليني لم تظهر كثيرا في السينما بشكل مباشر كما هتلر مثلا , ورغم
ان بيلوكيو قدمها بهذا الشكل إلا انه استطاع اشباعها من خلال الاثر الذي تركته على
شخصيات الفلم الاخرى , من خلال معاملته لعشيقته , ومن خلال تطور معاناتها , ومن
خلال تبرأه من ابنه , وكيف حكم عليه بالنسيان , وكيف انتهى به المطاف , قدمه
الممثل الايطالي فيليبو تيمي بدور موسيليني الشاب في بداية الفلم , وموسيليني
الابن في نهايته , باختلاف كبير جدا بين هاتين الشخصيتين , لدرجة ان الامور اختلطت
علي وظننت انهما ممثلين مختلفين .
وفي واحد من أجمل مشاهد الفلم يضع بيلوكيو مشاهد من فلم شارلي شابلن
The Kid ، في سينما مشفى المجانين , حيث ركز علي وجه جيوفانا مع مشاهد بكاء الطفل
في الفلم , واستغلال القيمة العاطفية للسينما لفهم شخصية ايدا , وما فقدته من وراء
علاقتها بموسيليني
.
قد لا يكون ماركو بيلوكيو بشهرة مخرجي جيله في الستينات
والسبعينات كبرتولوتشي و زيفريللي و فيسكونتي , لكن ملامح المخرج المخضرم واضحة
في فلمه هذا , ودافع لمشاهدة عدد أكبر من افلامه .
0 التعليقات :
إرسال تعليق