كتب : مصطفى الباجوري
التقييم : 3.5/5
بطولة : جون كوزاك ، ديان ويست ، تشاز بالمنتيري
إخراج : وودي ألن (1994)
يمارس وودي آلن لعبته
المفضلة من خلال فيلم "طلقات في برودواي"
؛ كاتب مسرحي يقوم بدوره جون كوزاك يريد أن يقدم فن حقيقي على مسارح برودواي في عشرينيات
القرن الماضي ولكن يعاني من نقص المال اللازم للإنتاج .. زعيم مافيا ورجل عصابات يدعى
نيك فالنتيني يعرض عليه تمويل المسرحية بشرط إشراك حبيبته الراقصة
التي لا تعرف شيئاً في التمثيل لأداء أحد الأدوار المهمة في المسرحية .
دائما أتخيل وودي آلن
مستمتع جداً بتلاعبه بالتناقض بين الحكاية واستغراق المتفرج في شكلها الخارجي وبين
المعنى الساخر الذي تحمله في داخلها مثل أن يلجأ الفنان لرجل المافيا الثري ، ومثل
أن تتدخل الراقصة في عمل الكاتب والمخرج ، ومثل أن نكتشف أن الحارس الشخصي للراقصة
"تشيتش" - الذي يقوم بدوره تشاز بالمنتيري - أكثر
موهبة من الكاتب نفسه وتكون تعديلاته وآرائه هي السبب الحقيقي في نجاح المسرحية ، أتخيل
وودي في كل لقطة من الفيلم يتحدث للكاميرا على طريقة فيلم Annie Hall الشهير قائلا : أليس ذلك ظريفا حقا !
أليس ظريفاً أن الكاتب
الموهوم بالفن الحقيقي بعد أن وافق على التعاون مع رجل العصابات يستيقظ في منتصف الليل
صائحا بشكل هيستيري على طريقة وودي آلن : أنا عاهرة ، لقد بعت روحي للشيطان ، أليس ظريفاً أن نجد أن كتابته
في الواقع جافة وسيئة وأن رجلاً عادياً بل قاتلاً ومجرماً لديه القدرة على الكتابة
بشكل أفضل لأنه أكثر معرفة بالناس وكيف يفكرون وكيف يتكلمون بل يصبح أكثر حرصاً منه
على انجاح عرض المسرحية ويقوم بقتل الراقصة المكلف بحمايتها بالأساس كي ينقذ المسرحية
من أدائها السيء المجرم ورجل العصابات يصبح أكثر إخلاصاً للفن من الكاتب المهموم والموهوم
بالفن الجيد طوال حياته !
أليس ظريفا أن خلف المسرح
في الكواليس وأثناء العرض تحدث مطاردة بين رجال نيك فالنتيني و تشيتش ،
يطلقون عليه الرصاص ويموت وتكون آخر كلماته هي إضافة جملة أخيرة على لسان بطلة
المسرحية والتي تجعل النهاية تبدو أجمل وأكثر إثارة من وجهة نظره وهي أيضاً نفس الجملة التي انتهت بها واحد من أفضل أفلام وودي آلن الأخرى
Hanna and Her Sisters !
أليس ظريفا أن ناقداً
فنياً يتحدث مادحاً المسرحية في أحد الجرائد عن صوت الرصاص المسموع في خلفية العرض
وأن ذلك كان إضافة عبقرية من المخرج للتعبير عن الماضي العسكري لشخصية البطل ، أليس
النقد الفني يكون أحياناً متعجرفاً ومتحذلقاً ويحمل الفن أكثر مما يحتمل !
مثلما نرى يجد وودي آلن القصة
المناسبة ليسخر من كل شيء كعادته ، يسخر من
علاقة الفن بالمال وبالعوالم السفلية للمجرمين ورجال المافيا ، يسخر من الرؤية الكلاسيكية
النمطية لثنائية الموهبة في مقابل الاجتهاد والفن الجيد في مقابل الفن المبتذل ، رغم
أن القصة تبدو عادية ومألوفة وبالنسبة لمتابعي أفلام وودي آلن تبدو الأحداث
وتطورها وطريقة عرضها متوقعة أيضاً ولكن ذلك لا يمنع من الاستمتاع بالفيلم و من الاستمتاع
بظرافة روح وودي آلن الساخرة .
أداءات تمثيليه جيدة
جداً من ديان ويست التي نالت أوسكار عن دورها في الفيلم و جون كوزاك و تشاز بالمنتيري
، أعطت تفاصيل السيناريو ورؤية المخرج الممثلين مساحة معقولة لتقديم شخصياتهم بشكل
يجمع بين الأداء الجاد والهزلي في نفس الوقت .
كالعادة سخرية وودي ألن تجعل
تقييم أفلامه والكتابة عنها - خصوصا لو أحببت أعماله - شيئاً صعباً ، فالرجل يسخر
من النقد ولا يهتم بقراءة المقالات والمراجعات عن أفلامه ، ومع ذلك يمكن القول أن
هذا الفيلم من أفضل إنتاجات وودي ألن في التسعينات .
0 التعليقات :
إرسال تعليق