كتب : محمد السجيني
التقييم : 4.5/5
بطولة : غونار بيونرشتراند ، إنغريد تولين
إخراج : إنغمار بيرغمان (1963)
تدُور قصّة الفيلم حول
راهب تلجأ اليه زوجة صيّاد لمُساعدة زوجها في محنته ، الصيّاد هُنا (ماكس فون سيدو)
يبدُو يائساً ، هو يعلم ان العالم مُعرّض لخطر الفناء النووي ولا يعلم ماذا يري
الدين في ذلك ، هل سيتساوى الأخيار والأشرار ويموتون سويّاً ؟ ولماذا يترك الله
الأخيار يموتون بلا ذنب ؟ والراهب يعجز عن الرد ولا يجد اجابات مُقنعة أو حقيقيّة
برغم ان من يسأل هذه الأسئلة شخص بسيط ، وحين لا يجد الصيّاد لحيرته مَهرب ينتحر
والانتحار هُنا طبيعي لأن شخصيّة الصيّاد تُمثّل الجانب الواضح من الشك .
بيرجمَان هُنا يُعلن ان المهم
لديه هو النزعة الفلسفيّة التي يُقدّمها ، مُشكلة شخصيّاته كلها فكريّة وليست
ماديّة ، كلّها تتعلّق بالشك والعلاقة مع الله ، الراهب حين ماتت زوجته مات ما
بداخله من ايمان وحُب ، صار مُنعزلاً عن كل شيء -داخلياً- وصار يقوم
بواجباته في الكنيسة بلا روح أو ايمان أو أمل ، تراكمات ذلك تظهر في علاقته مع مارتا ، هو لا
يستطيع مُبادلتها أي مشاعر رغم استعدادها التام في أن تعيش له فقط ، سبب ذلك ليس
مشاكلها الايمانيّة ولا نزعتها الالحاديّة ، وانّما السبب من داخله هو بعد وفاة
زوجته ، علاقة الراهب بالإله لم تكُن مباشرة بشكل او بآخر ، وانّما كانت نتيجة لعلاقته
وحبّه لزوجته ، قبل وفاة زوجته كان يُفكّر في الأمور بالمنظور الدافئ نتيجة للحُب
والشعور المَادي بوجود من يحبّه ويتمثّل به اليقين أمامه ، امّا حينما حُرم من
زوجته تهدّم ايمانه الداخلي وليس الظاهري وعصفت به الشكوك في مَدي وجود الاله
والشر ، أصبح منظوره لما يحدث أوسع من قبل
. أكثر ما اعجبني في هذا العمل هو هذه الاختزاليّة التي يُقدّمها الفيلم
، مُعظم مشاهد الفيلم داخليّة وتدور حول شخصيّاتها ولا تعبأ بما يحدُث خارجاً – ظاهرياً - لكن في الأساس ما يحدث خارجها هو
المُحرّك الرئيسي للأحداث ، المشاكل الخارجيّة هي التي دفعَت الصيّاد لسؤال الراهب
وبالتالي كانت هي الدافع لانفجار الازمة الاعتقاديّة عن وجود الله وما تلي ذلك من
انتحار للصيّاد .
كاميرا سفين نيكفست
هُنا تُزيد قيمة الصمت ، تُحاصر وجوه مُمثّليها باللقطات القريبة المُميّزة في
سينما بيرجمان ، وتضيف احساساً خانقاً يورّط المُشاهد مع حيرة
شخصيّاته ، حركة الكاميرا قليلة وتزيد من تركيز المُشاهد مع الصمت السائد ، ولا
أنسي هُنا ذكر أبرز مشاهد الفيلم حين تواجه مارتا الكاميرا وتبدأ في الحكاية .
فيلم بيرجمان هذا عن العلاقة الجدليّة بين علاقة الانسَان بالإله ، عن مُعَاناة البشر في فهم الحياة وحقيقتها وهدفها ، عن اللحظات الأخيرة في حياة انسَان دهمته الأقدار وثار بداخله الطوفان .
فيلم بيرجمان هذا عن العلاقة الجدليّة بين علاقة الانسَان بالإله ، عن مُعَاناة البشر في فهم الحياة وحقيقتها وهدفها ، عن اللحظات الأخيرة في حياة انسَان دهمته الأقدار وثار بداخله الطوفان .
0 التعليقات :
إرسال تعليق