كتب : محمد السجيني
التقييم : 3/5
بطولة : مايلز تيلر ، جي كي سيمنز
إخراج : داميان تشازيل (2014)
يحكي
فيلم داميان تشازيل الممدوح جداً قصّة شاب يُدعي اندرو ، يطمح بأن
يكون لاعب درامز مُحترف ، ويختار طريق التعلُّم في معهد شافير ، مع الوقت
يحاول اقناع المُعلّم غريب الأطوار فليتشر وهو يُعتبر من أكثر المُعلّمين تشدداً وانضباطاً وغرابة
في التعامُل ، يجتهد اندرو من أجل اقناع فليتشر ، يقطع علاقاته وينعزل ويبدأ في رحلة التحدّي المُغلّفة
بهوس النجاح والخوف من الفشل .
بعد مُشاهدتي
الأولي لهذا الفيلم خرجت منه بمشاعر مُتضاربة ، لم أشعر انه هذا الفيلم العظيم الذي
يدور حوله كل هذا الثناء ، بعد المُشاهدة الثانية ظهرت مشاكله واضحة بالنسبة لي ، أنا
لم أحب هذا الفيلم بالقدر الكافي . في بداية الفيلم يظهر اندرو الساعي الي الكمَال
وهو يلعب علي الدرامز ، يراه فليتشر وهو يتدرّب ويطلب منه العزف لأنه يبحث عن طلّاب في فرقته
، يندمج الفتى في العزف ، وفجأة يختفي فليتشر ! هذا الأستاذ غريب الأطوار ، يأتي الى القاعة في الموعد
تماماً ، يحترمه الطلبة كأنّه قائدهم العسكري صاحب الأوامر النافذة والسيطرة المُطلقة
.
شخصيّة
فليتشر منذ البداية تبدو هي الأوضح والأكثر اكتمالاً في مشهد يحكي
فيه لأندرو عن عظماء الجاز ويخبره بعدها ان الهدوء هو مُفتاح النجاح ويستفسر فيه عن
خلفيّة أندرو العائليّة ، هُنا فليتشر يري في أندرو أسطورة جاز قادمة ، ولذا تستمر محاولاته في الوصول بالفتي
الي القمّة ، وهذا يُفسّر تراجعه عن قراراته لاحقاً بإبعاد اندرو عن الفرقة
، و على الجانب الآخر اندرو فتى يسعى الى الوصول الى الكمَال ، وجد في جنون وشدّة أستاذه
المُحرّك الذي يحتاجه ليتدرّب بقوّة ويكسر حاجز الخوف او التراجع لدرجة جعلته يترك
الفتاة التي أحبّها وارتبط بها ، وهُنا تحديداً تكمن أولى الأشياء التي أزعجتني في
المشاهدة ، مشكلتي الأكبر مع فيلم داميان تشازيل تكمن في التلقّي بشكل خاص ، في المُشاهدتين لم استطع
تقبُّل شكل الحكاية أصلاً ، هل هي حكاية واقعيّة عن الهوس بالنجاح والوصول الي الكمال
؟ أم ان تشازيل يقتطع جُزءاً مُكثفاً من علاقة تلميذ وأستاذه ويخدم نفس
الهدف ؟ المُهم ان في الحالتين الفيلم مبتور ويحتوي الكثير من الثغرات ، اذا كان الفيلم
يقتطع الجُزء المُكثّف من علاقة الفتى والأستاذ ، علاقة الفتى والأستاذ كانت قويّة
على مستوى التقديم ، لكن ما الدافع لتقديم علاقة أندرو بالفتاة ؟ واذا
تم تقديمها لماذا يتم تقديمها بهذا الشكل المبتور والمُفتعل ؟ هذه العلاقة التي بدت
تلقينيّة وساذجة لم تخدم أي من أحداث الفيلم ، بالأساس نحن نعرف هوَس أندرو بالنجاح
وهو ما ظهر في تدريباته ورغبته في التطوّر أو حتى في جداله مع المُعلّم الصارم في تعاملاته
، وحتّى علاقته مع والده تبدو مُدفوعة دفعاً خلال الأحداث ، كان من الكافي جداً مشهد
اندرو مع فليتشر في الحديث عن عائلة اندرو وهو ما تحدثت عنه
سابقاً ، هذا يخدم التكثيف واختصار العلاقات ومنع التشتُّت الذي أصابني شخصيّاً أثناء
المُشاهدة .
اما اذا
كان الفيلم يحكي حكاية واقعيّة بشخوص حقيقيّة فأنا لم أتقبّل اطلاقاً ان يكون مشهد
النهاية فيه حقيقي ، ما الذي يدفع رجُلاً مثل فليتشر للانتقام من فتى
في بداية مشواره مع عالم الجاز ؟ ولماذا يُخاطر فليتشر بالشيء الوحيد
المُتبقّي له بعد فصله من شافير ؟ بل وماذا يضير أندرو أصلاً ان لم يستطع العزف ؟ الأمر بدا
كارتونيّاً جداً لي أثناء المُشاهدة ، و على الرغم من ذلك هُناك انجاز يستحق الثناء
من تشازيل في صُنع مشهديّة عظيمة خصوصاً في مشاهد الضغط العصبي ، وساعده
على ذلك مونتاج فخم جداً من توم كروس الذي حصد الأوسكار ، آداء سيمونز يستحق الثناء خصوصاً
ان استحوذ على تركيز المُشاهدين منذ ظهوره على الشاشة ، أداء مايلز تيلر ناضج
جداً ويًبشّر بموهبة جيدة في عالم التمثيل .
في المُجمل
الفيلم مُمتع علي الرغم من ثغراته ، سيكون تجربة لا تُكرّر مع مُحبي الموسيقي ، وموسيقي
الجاز بشكل خاص.
0 التعليقات :
إرسال تعليق