كتب : فراس محمد
التقييم : 5/5
بطولة : وي مينجي ، جانغ هوكه
إخراج : جانغ يمو (1999)
شاهدت لزانغ ييمو عدد لابأس به من افلامه , ولكن لا استطيع تحديد
ايها المفضل بالنسبة لي , Raise the Red Lantern , To Live , أم هذه التحفة التي كان بها ييمو أكثر رغبة , من اي فلم آخر له , في التعايش مع الواقع ,
كواقع الريف البعيد عن اي دفء حضاري او اهتمام حكومي , نوعية التعايش التي اراد ييمو تصويرها
ذكرني تماماً باللون الايراني , لون مجيدي تحديداً , النوعية التي تقتنص من الشخصيات ومواقفها كل
الدلالات الممكنة على انهم ضحايا دون ان يعلموا , بالأحرى لم يختبروا سوى الحياة
بشكلها اللاحضاري الذي يتصف بالفقر وصعوبة العيش لكن مع ذلك يملكون غريزة الحياة
ومسؤوليتها وغريزة عيشها بإرادة – يبدو ان هذه الغرائز اكتسبوها ببعدهم عن ضوضاء
المدينة وحرارة الحضارة وتشابك المصالح , حياة الريف هي من زرعت فيهم هذه الصفات
رغم ان الريف هو اطار فقرهم وسوء حالهم -
, لم يتعلموها في مدارسهم المهترئة او خلف جدران بيوتهم المهددة بالسقوط ,
هذه الصفات ولدت فيهم وتكرست لدى اطفال مدرسة في منطقة نائية .
المشاهد التي قدمها ييمو هنا تملك من الحساسية والقوة ما يكفي لاكتشاف عوالم
شخصياته الداخلية النقية ، المظهر الخارجي لا يوحي بوجودها , يصور تلك الشخصيات
التي تبدو بلا قصص او خالية من الدراما , اخترقها بالعمق الذي يثبت عكس هذا
الايحاء , شخصياً لا اعتقد اني تأثرت بأي فلم لييمو اكثر من تأثري
ببساطة وقدرة المٌدرّسة ماي ذات الثلاثة عشر عاماً على تحمل المسؤولية , اراه اكثر
افلام ييمو قرباً من وجدان المشاهد , ويبدو جلياً المزاج العالي
والارادة الكبيرة في ايصال هذه الشخصية لقلوب المشاهدين دون ملاحظة الجهد الذي تم
به ذلك , المدرسة واي شخصية لا تحتاج من المشاهد فهمها كي تتعاطف معها , بل ان
تضع نفسك مكانها , ان تشعر بضرورة تحقيق ما تريد , كفتاة في سنها , وامام المسؤولية
التي تم القاءها على كتفيها , ييمو استفاد كثيراً من هذا الامر , لأنه اعتمد على احساس
الفتاة الداخلي والطفولي بعدم خذلان احد , هذا الشعور طفولي تماماً يموت مع ازدياد
العمر .
استاذ المدرسة مضطر لمغادرة مدرسته لمدة شهر , ولم يتوفر سوى مٌدرّسة
بديلة في عمر الـ 13 تستطيع الكتابة وتحفظ اغنية واحدة فقط , تملك 26 طبشورة
لنهاية الشهر , ويتوجب ألا تسمح لأي طالب بمغادرة المدرسة , "ولا اي طالب أقل"
, هذه كانت مسؤوليتها , ولكن احد الطلاب اضطر للسفر للمدينة بعد وفاة والده ومرض
امه كي يجد عمل ويسدد دين عائلته , ولكن هذا سيقلل من عدد الطلاب , المٌدرّسة واي
يجب ان تعيده لصفه .
القصة لا تحوي اي جانب فانتازي كالذي اشتهر به ييمو مؤخراً ,
عند مشاهدة افلامه التسعينية , لا اجد له اي مبرر لتغيير خطه السينمائي , فها هو
قد اتحفنا بفلم بطلته فتاة لم تستطع الحديث امام الكاميرا بضعة كلمات .
اعتقد انه من نوعية الافلام التي تختمه كما يختم بالعادة تارانتينو مشاهدته
للأفلام التي تنال اعجابه , خمس دقائق تصفيق متواصلة .
0 التعليقات :
إرسال تعليق