كتب : فراس محمد
التقييم
: 4/5
بطولة
: روبرت دوفال ، فرح فاوست ، بيلي بوب ثورنتن
إخراج
: روبرت دوفال (1997)
يا الله ، انا احبك , لكنني غاضب منك الآن .
روبيرت دوفال من نوعية الممثلين القادرين
على امتصاص وهج الفلم بكامله , او اختصار الفلم بكامله ، بعيدا عن دوره المميز في العراب والذي قدم
فيه مشهده المفضل "حسب رأيه" ، حينما اخبر مارلن براندو بوفاة ابنه
، فإن افلامه الاخرى كانت افلامه فحسب : Get Low -
Tender Mercies - The Apostle ، هذه الشخصيات شخصيات ريفية ، شخصيات الجنوب الاميركي يحب ان يقدمها وتليق
به ، كما هذا الفلم ، حيث قدم شخصية مبشر كنيسي يجد نفسه منبوذ من عائلته ومن كنيسته
, فيعتبر نفسه رسولا لله ، واراد ان يذهب لمكان لا يعرفه فيه أحد , يقدم نفسه كرسول
, يتخذ كنيسته الخاصة , ويبشر للدين بطريقته , ويخاطب الله بطريقته .
دوفال كان المنتج والمخرج وكاتب
السيناريو والممثل في هذا الفلم , يبدو ان الشخصية الدينية التي قدمها , تعنيه بطريقة
او بأخرى , قدم من خلاله نمط الحياة الدينية في الجنوب الاميركي , الدين الذي عشعش
في كل زاوية وفي كل مفصل من مفاصل هذه الحياة , سيناريو هذا الفلم يحوي جملة
"فليباركك الله" ، "وشكراً لله" ،
"وشكرا ليسوع" بين كل كلمة وما تليها ، في سيناريو الفلم هناك
تبرير ديني لكل تصرف ، الشخصية التي قدمها دوفال تعيش حالة دينية لدرجة الاغتراب عن
الواقع ، ولكن مهنته كمبشر , ومصلح اجتماعي باسم الدين , لم تكن بالنسبة لهذا الرجل
إلا هروباً من خطاياه , الرجل الذي يصلح الخطايا لديه خطاياه , وهو هارب منها .. على
مبدأ "السكافي حافي" ، لكن الفلم لم يكن يرغب في تصوير هذه النوعية
من الاشخاص بشكل سلبي , قدمها بأسلوب انساني لا تختلف عن سواها سوى بثرثرتها الزائدة
مع الله ، سوى بقدرتها على الزهد في الحياة كنوع من انواع الهرب منها ، لكن دوفال يرى
ان الحياة ثقيلة حتى بالنسبة للزاهدين فيها او من منحوا حياتهم للدين او الكنيسة او
اي مرجع ديني ، والحياة لديها طريقتها في تحقيق عدالتها الذاتية خارج جدران دور العبادة
.
برأيي ان دوفال كان ذكياً في التمهيد لهذه الشخصية المهووسة بمعتقداتها الدينية
, مشهد واحد كان كافي في بداية الفلم لنعرف كيف خُلقت هذه الشخصية , كيف تحولت لمبشر
ومن ثم لرسول , طفل يدخل مع احد أقاربه لكنيسة في احدى القرى ويشاهد حفلات الغناء الدينية
والابتهالات الصاخبة المؤثرة , من الجيد ان دوفال قدم هذه الجزئية
, الطريقة التي نما فيها هذا الطفل كانت تحت رعاية دينية بحتة , انتجت هذه الشخصية
المغتربة , ايجابية , وتتواصل بسرعة مع محيطها , لكنها هاربة .
أما روبيرت دوفال , فهذا الشخص يملك كاريزما هائلة , الكاميرا تحب التقاط
كل تفاصيل أداءه , وهنا كان منسجماً مع هذه الشخصية الغير متداولة كثيرا في السينما
, لم يسبق ان شاهدت فلماً اميريكياً غارقا بهذا الشكل في الجو الديني ، ربما لهذا السبب
احببت مشاهدة هذا الفلم .
0 التعليقات :
إرسال تعليق