كتب : خالد إبراهيم
التقييم : 4/5
بطولة : آشوك كومار ، مينا
كوماري
اخراج : كمال أمروهي (1972)
الدائرة
تكتمل ، التاريخ يعيد نفسه بأشكال مختلفة ، فخر الأجداد يظلم الأحفاد ، فبعد رفض
الأب زواج ابنه من إحدى المُرافِقات – (الطوائف) – خلال سنوات إمبراطورية مغول الهند ، تعتزل الفتاة
في المقابر حيث تلد بنتها وتموت ، البنت تصبح فتاةً بدورها (صاهيب) ، تمارس
نفس المهنة ، أثناء نومها في القطار يرى أحد المسافرين قدميها ، فيكتب لها ملاحظة
"لا تضعي قدمك الجميلة أبداً على الأرض فقد تتسخ" ، احتفظت
الفتاة بالورقة حتى التقته صدفة ، اتضح – بالصدفة كذلك – أنه ابن عمها ، وحفيد
الجد الذي رفض أمها ثم رفضها .
عند
استعراض العبارة التي كتبها ابن العم للنائمة (صاهيب) ، ربما نجدها
سطحية وسخيفة لتكون سبباً في كل هذا الحب ، لكن الظرف التاريخي لا يمكن إغفاله ،
حيث كانت العادات مختلفة ، أثر كلمة الأمس لم يكن
مثل أثره اليوم ، في موضع آخر سنرى العاشقين يتكلمان من وراء حجاب ، سنرى
زواج للموتى حتى يتم حفظ نسب وكرامة الأحياء ، تلك عادات وعقلية العصر القديم و–
على ما يبدو – حب العصر القديم .
القصة
تحمل العديد من نقاط الضعف مثل النهاية المتسرعة والصدف العجيبة .. الهندية جداً ،
حيث كانت الصدف متوقعة ومقصود منها إحداث الموعظة الناشئة من سخرية القدر ، بأسرع
الطرق الممكنة وأكثرها مباشرة ، قصة مثل تلك لا يمكنها أن تذهب بالفيلم بعيداً ،
الألوان والزخم البصري تمكن من ذلك ، الفيلم صاحب صورة بديعة ، تفاصيل مدهشة ،
الديكور .. الملابس .. تصميم المباني على الطريقة القديمة ، حيث سار مخرج الفيلم كمال أمروهي
على درب المخرجين العظام ، وقام باختيار كل التفاصيل بنفسه ، وبعناية شديدة .
الشيء
الآخر الذي يجعل باكيزة فيلماً مختلفاً ، غياب الجريمة والسلاح ، الخلطة
المعتادة في السينما التجارية ، الجريمة التي يكشفها الفيلم جريمة مجتمعية ، ونظرة
دونية للمرأة ، يستخدم الرومانسية والميلودراما كظل للنقد الاجتماعي ، عن طريق
المرأة المظلومة ، كأم مرفوضة وابنة مباعة ، مرأة يهرول إليها الرجال ليلاً ،
ويحتقروها نهاراً ، في بيت الجد كذلك يمكننا رؤية المعاملة الأدني التي تلقاها
المرأة المصونة .
الفتاة
صاهيب – مثل مظلومات ميزوجوتشي – يكون حبيبها – بشكل ما – سبب آخر للألم ، رغم أنه
المفترض يكون ملجأ من العالم القاسي ، فما كان من الأم والابنة إلا ترديد "الله"
وقت الكرب ، والرغبة في المكوث في المقابر (فعلياً ورمزياً) ، حيث انتظار الموت هو
الشيء الصحيح لفعله .
خلال
الرقصة الشهيرة التي تقوم بها الفتاة صاهيب ، حيث تكون مدماة القدم ، لكنها تظل ترقص ، يقوم المخرج
بمهاجمة مجتمع الذكور الذي يشهد – بدون تدخل – الفتاة ترقص وتنزف ، القدم الجميلة
المُحنَّاة سابقاً قد أصبحت مُدْماة ، كرمز لغضبها من ابن العم ورغبتها في إيلامه
عن طريق إيلام نفسها ، وتشويه القدم التي كانت سبب الحب ، فيما بعد سيتم اقتباس
الرقصة في مشهد شهير من فيلم (الشعلة) .
الرمزية
في الفيلم كانت مقصودة للغاية ، ومقصود لها أن تصل إلى المشاهد بطريق مباشر وغير
مباشر ، القدم الجميلة – كما سبق – كانت أحد الرموز الغير مباشرة ، القطارات أيضاً
تم استخدامها كرمز للحنين للحبيب المجهول في لقطات جميلة حقاً ، ثم استخدم الفيلم
القطارات لجمع العاشقان مجدداً ، بعدما كان السبب في بدء قصة الحب .
على
الجانب الآخر ، كانت هناك الرمزية الصريحة ، التي كانت إلى حد كبير منسوجة بيد
ثقيلة ، الطائرة الورقية التي استخدمتها الفتاة لتشبيه حالها بها ، ثم في المشهد
الذي يليه مباشرة ، نجد التأكيد البصري أمامنا ، حيث نجد الفتاة بزي مختلف له نفس
لون الطائرة الورقية التي أصبحت خلف الفتاة بشكل واضح ، العصفور والقفص كان هدية
أحد الندماء للفتاة ، ثم بعد محاولة الفتاة الفاشلة للهرب من البيئة التي تعيش
فيها ، نجد العصفور يتم قص ريشه من قبل خالة الفتاة ، النديم الغني أهدها بُساط
أيضاً كي ترقص له عليها ، البساط بمثابة القفص التي تُسجن به الفتاة ، حيث تكون مثل
مكان وحيد مسموح لها بالعيش داخله .
الأغاني
والرقصات أصبحت من مظاهر تفرد الفيلم ، الموسيقى التصويرية – الغير معتادة بالنسبة
للأفلام الهندية في ذلك الوقت – أضافت بعض الغموض ، الموسيقى وصوت الراوي العميق
وغيرها من الوسائل الصوتية تم استخدامها لتهيئة المزاج العام ، بينما إيصال
الأفكار كان يعتمد على الجانب البصري ، كعرض عيني الفتاة مع الزينة والحلي وقت
كانت راقصة ، ثم عرض عينيها بدون بهرجة ، كرمز لاختيارها حياة جديدة بسيطة نقية ، اسم
(باكيزة) – الاسم الذي اختارها حبيبها لها – يعني النقية
الطاهرة .
الفيلم
إخراج وإنتاج وتأليف كمال أمروهي ، الذي نجح
في صنع فيلم يجمع بين الانتشار والفن ، تأخر الفيلم طويلاً حتى تم إصداره
(حوالي أربعة عشر عام) ، حيث تم انفصال المخرج عن الممثلة التي تلعب الدور الرئيس مينا كوماري ،
(ملكة التراجيديا) – لحسن الحظ – اقتنعت بإتمام الفيلم بعد مرور
سنوات ، في بعض المشاهد كانت مريضة واهنة بصورة ملحوظة ، حيث كانت جالسة بصفة
مستمرة ، بعد شهرين من إتمام الفيلم توفت الممثلة ، مما جعل الفيلم ينجح جماهيرياً
لكونه آخر أفلامها ، رغم بدايته الضعيفة .
0 التعليقات :
إرسال تعليق