كتب : أحمد أبو السعود
التقييم : 3/5
بطولة : كولن فيرث ، إيما ستون ، مارشا غاي هاردن
إخراج : وودي آلن (2014)
أن تشاهد و أنت مهتم
بأفكار و مخاوف و ما يقلق وودى آلان و تفقد الاهتمام بشخصيات فيلمه و أجواءه ، وودى آلان الثمانيني الذى يعيش
فى قوقعة قلق مثله مثل أي شاب فى العشرينات أو الثلاثينات من عمره ، مازال يتسائل
عن ماهية وجود الرب و طبيعة الحب و العلاقات بين البشر .
في فيلمه الأخير يروى قصة ستانلي الساحر ذائع الصيت الذى يؤمن فقط في العلم و يمنطق دائماً كل شىء ،
يقابل ستانلي تلك الشابة التي تدعى بأنها تخاطب الأرواح و تتنبأ بالمستقبل ، يحدث
هنا الصدام بين المنطق و الغيب ، بين التمسك بكل ما هو مادى و ملموس و بين الإيمان
بكل ما هو غيبي و روحي ، شخصيات أفلام وودي دائماً تبحث عن
إلهام ما ، أو عن الحقيقة ربما ، المهم أنها تبحث و تتوه دائماً في رحلة البحث تلك
، في أحد مشاهد الفيلم يخبر ستانلي صوفي بأنه يتمناها فعلاً أن تكون حقيقية و ليست
مجرد نصابة تخدع الناس ، إذن نظرياً لدينا كل ما نريده لكى نستمتع بشخصيات وودي
آلان و بسحر فلسفته ، المشكلة هنا أن الشخصيات تفتقد عامل سحري مهم يُكمل
بناءها الدرامي ، حلقات مفقودة يقفز وودى عليها كي يكشف الخدعة في النهاية ، و في
النهاية خرجت الشخصيات شبه خاوية و خرجت لحظة الكشف باردة .
عندما تكشف صوفي عن أسرار عمة ستانلي التي لا يعلمها أحد سواه تحدث له حالة أشبه بالصدمة أو لحظة تنوير يصدق فيها صوفي و أنها أحد معجزات الحياة ، هذا التحول الجذري في أفكار ستانلي لم يكن مشكلة السيناريو الوحيدة ، المشكلة كانت فيما جاء بعدها ، تختفى بعد ذلك شخصية ستانلي العنيدة المؤمنة بالمنطق فقط ، يتحول إلى شبه مراهق مؤمن بخرافات و بأشياء روحية لم يكن يؤمن بها قط ، لم يُراعى وودي آلان طبيعة التحول الذى حدث لستانلي ، و لم يختر بالتأكيد اللحظة المناسبة لكى يحدث ذلك التحول ، نيته هنا كانت النهاية السعيدة ، لكن ذلك القفز على بناء الشخصية لم يورط المُشاهد بالقدر الكافي مع تلك النهاية .
يخلق وودي آلان دائماً بيئة بصرية مُريحة لشخصياته ، بيئة شبيهة في ألوانها و تكويناتها تلك التي قدمها في فيلمه الشهير Midnight in Paris ، هنا تلك البيئة تبدو مُريحة أكثر من اللازم ، لا تناسب غموض شخصياته و لا حتى القلق الذى يعتريها ، و لم يكن هناك في المقابل - ربما للمرة الأولى التي تحدث معي في فيلم لوودي آلان - الجاذبية الكافية التي يحملها الحوار في كل أفلامه ، الحوار كان بسيط خالي من الشد و الجذب ، خالي من قدرته على استفزاز أفكار المُشاهد .
يبقى من التجربة في النهاية مقدار الإعجاب بشخصية وودى آلان نفسها و بكونه في الثمانين من عمره و مازال ينظر للحياة نظرة شاب في العشرينات من عمره ، حيرته و قلقه و بحثه الدائم عن التوازن الذى يُريحه كفنان و كإنسان .
0 التعليقات :
إرسال تعليق