التقييم : 2.5/5
بطولة : برادلي كوبر ، سيينا ميلر
إخراج : كلينت إيستوود (2014)
حقيقةً لا أعلم لماذا
لم يتوقّف كلينت ايستوود عن صناعة السينما ، ولماذا يستمر في ما يبدُو
وكأنّه محو لمسيرة اخراجيّة عملاقة قدّمت لنا تُحف مثل Unforgiven و Million Dollar Baby ، دائماً ما كنت أذكر ان
هذا الرجُل عظيم في الالتفاف حول المآساة ومزجها اطارها العَام بظروف شخصيّاته ،
بعد مُشاهدتي لفيلمه الأخير بدت لي المآساة الوحيدة هي الفيلم بحد ذاته .
في فيلمه الأخير يعرض
ايستوود قصّة حياة قنّاص أمريكي يُدعي كريس كايل ، قنّاص
أسطوري ومن أكثرهم دمويّة في التاريخ الأمريكي ، يُقال انّه قتل أكثر من 200 عراقي
أثناء الحرب علي العرَاق ، قُتل كايل رمياً بالرصاص قبل عامين في تكساس .
بداية ما يجعَل من ايستوود يختار
كتاباً كهذا هو شهرته بيمينيته وتحيّزه الواضح للجمهوريين في أمريكا ، وهذا ما
يجعل الفيلم مُضطراً يوَاجه على أنّه فيلم سياسي بحت ، برغم تأكيد صُنّاع العمل
علي انّه يعرض محنة جندّي ويتتبّع دراسة شخصيّة له ومعاناته أثناء الحَرب .
على صعيد تقديمه
لشخصيّته يبدو الفيلم مُفتقداً للواقعيّة أو الرُوح ، مشاهد التقديم مرصوصة بدقّة
لكنّها لا تعبر عن شيء ، ولا يمنح الفيلم للمكَان أي أهميّة ، تبدُو أهميّة الحرب
هُنا في عنفها فقط ، لا في مكَانها ولا في ظهور أثرها النفسي على أي شخص من شخوص
العمل . في مشهد من مشاهد
الفيلم يعود فيه كايل بذاكرته الي الوراء ، يتذكّر حديث لوالده ، يقول فيه ان
البشر في هذا العالم ثلاثة أنواع ، ذئاب وخراف وكلاب لحراسة الخراف ، وهُنا تظهر
أوضح مساوئ النص ، هو لا يتعامل مع الانسَان ، وانما يُنمّط كُل شيء أمامه من وجهة
نظر كريس ، الأمريكيون هُم الخراف السُذّج ، وكريس وأمثاله هم كلاب
الرعي ، من يحمونهم من الذئاب (العراقيون) ويتمَادي حتّي في تضليل الحقائق - نحن نتعامل مع
قصّة حقيقيّة وللحقائق أهميّة كُبرى - ويُلصق الحرب علي العراق بأحداث الحادي عشر
من سبتمبر بشكل غريب ، وهذا التنميط لا يستمر بعد ذلك ويستمر عَرض الأحداث بصورة
أحاديّة الجانب ، العراقيّون هم الارهاب وقتلهم واجب ، وكريس كايل على الجانب
الصحيح دائماً مهما حدث . في أحد المشَاهد
مثلاً نري طفلاً صغيراً يجري باتجاه مدفع صواريخ قتل كريس حامله ، يمسك به
الصبي محاولاً اطلاق قذيفة تجاه الدبّابة الأمريكيّة أمامه ، يتمنّى كريس بصوت
مَسمُوع ان يلقي الصبي بالمَدفع حتي لا يُرديه قتيلاً ، وما أن يهم الفتي بالإطلاق
حتّي يتراجع ويرمي المدفع راكضاً بعيداً حتّي يتنفّس كريس بارتياح ، مشهد
سخيف لا مُبرر له حتّى بمقاييس كريس العدواني نفسه ، لكنّه يمنح الفيلم النَفس الدعائي
الاحتفائي المُنتشر في كُل جنبات الفيلم
.
على جانب آخر هُناك
حركة كاميرا توثيقيّة بحرفيّة شديدة من توم ستيرن ، ومونتاج جيد جداً من جويل كوكس ، آداء
احترافي من برادلي كوبر مع مجهود بدني مبذول واضح جداً ، هو لا يضيف شيئاً جديداً
للشخصيّة لكنه يؤدي المطلوب منه أثناء تقديم شخصيّة كهذه في فيلم كهذا ، في المُجمل وبالمقاييس
الفنيّة هو ليس فيلماً سيئاً ، ايستوود يحكي الحكاية بسلاسة رغم مذاقها الاحتفائي الواصل لحد
العدوانيّة في أحيان كثيرة .
0 التعليقات :
إرسال تعليق