كتب : مصطفى فلاح
التقييم : 3.5/5
بطولة : نيكولاس كيج ، تاي شيريدان
إخراج : ديفيد غوردون غرين (2014)
ديفيد غوردون غرين يُعيد أحدى تلك الدروس
السينمائية التي تشارك فيها مع زميل الدراسة و العمل جيف نيكولز سابقاً ,
ألا و هو غزل نسيج الدراما و ضمان أيديولوجيته الخاصة التي تحوي البيئة كشرط ,
فالصنعة السردية فائقة التأثير مارسها الأثنان في إبراز مكونات القرية الجنوبية
التي أنحدرا منها , بيئة الحكاية , لتصل بالمشاهد نحو شعور من التفهم لأحداث العمل
و كنوع أشبه بصلة الدم مع الشخصيات التي أرادا التحدث عنها.
هناك مقدمة نشاهد فيها غاري و هو يوبخ أباه السكير المُعدم , هل تحقق حُلم الفتى ذو
الخمسة عشر عاماً بالخروج عن جلده أخيراً , أم هو وهم الفرار من ذلك العفن المُعدي
, يتكرر من جديد ؟! هل نجحت ري Winter’s Bone من قطع صلة القُربى
التي جمعت عائلتها في هذه البقعة القاسية ؟! ، هل أستفاقت هاشبوبي Beasts of the Southern Wild من كابوس والدها
المُتمسك بأصول هذا الجنوب البربري المتوحش ؟! ، أقول لك , أصوات الغراب و هو
يُهاجر بلدته ستسمعها أيضاً و هو يعود أليها في النهاية !
حكاية عن الديّن و سداده , عن الوعود و الإيفاء بها , حكاية الافتداء
التي يقوم بها جو , رجل أربعيني مُحنق صاحب ماض مجهول يعيش في محيطه النائي و
حاضره المحفوف بالمخاطر , مع الصبي الذي وجد فيه مرآة لذاته الكهلة و لروحه المُعذبّة
ملاذاً أخيراً رُبما ، جو , كما هو كارل جايلدرز في Sling Blade أو Mud
العام الماضي , يحقق المعادلة الصعبة بين الانحياز التام للخير دون ارتكاب
أفعال شريرة اعتاد عليها في السابق , و هو يجلب لمؤدي الدور (من جديد) المديح
النقدي المُستحق.
كما ينقل أليكساندر باين كثيراً من سُخرية الأقدار لمسقط رأسه نبراسكا , و تيرانس ماليك
بعضاً من غزله الحسن لمدينته التكساسية , فغوردون غرين , هو الآخر, من صُنع الجنوب الأمريكي يعرف
طبيعتها , بيئتها , و أجوائها , يخرج من الأماكن المُغلقة الى المفتوحة و ينقلها
إلى الشاشة دون أن يمنح قاطنيها , و هو يعرفهم أيضاً , بعض التبُرج و التجميل ؛
فشخصيات الفلم المعذّبة تسطو على الحواس بينما يتابعها المخرج بأسلوبه الحياتي
القائم على الملاحظة بكثير من الحُكُم و قليل من التعاطف والإشفاق ، رُبما لو
أعتنى الأخير قليلاً بدوافع بعض الشخصيات ، المادية و سواها , لكان لديه عمل رابح على جميع الجهات .
0 التعليقات :
إرسال تعليق