كتبت : فاطمة توفيق
التقييم : 3.5/5
بطولة : جيمس سبيدر ، آندي
مكدويل
إخراج : ستيفن سودربيرغ (1989)
سأجمل الأمر منذ البداية ، أكثر ما أعجبني في هذا الفيلم هو قدرته على
امتصاصك بداخله ، هنا ، لا توجد أحداث جديدة ، هو حدث واحد فقط لا غير ، حضور )جراهام / جيمس سبايدر) إلى البلدة ، وهذا
الحضور ما هو إلا تحريك للمياه الراكدة وكشف ما يكمن حقيقةً في القاع .
قدرة الفيلم على امتصاصك هذه نابعة من سيناريو قوي ، إدارة كاميرا
وممثلين بطريقة محترفة ، وموسيقى كليف مارتينيز التي لعبت دوراً هاماً في الأمر ،
وكل هذا بالطبع هو ما حقق هذا النجاح القوي المفاجئ للفيلم وخاصةً أنه الفيلم
الأول لمخرجه ستيفن سوديربرج الذي كتب سيناريو الفيلم في أسبوعين و أنتجه بميزانية
مليون دولار فقط ، مما أعاد وقتها الإنتعاشة لسوق الأفلام المستقلة في الولايات
المتحدة.
الفيلم لا يقدّم أكثر مما هو مذكورٍ في اسمه (جنس ، أكاذيب و شريط فيديو) ، ولكن الجنس هنا ليس حسي بقدر ما هو ذهني نفسي ، ناتج عن أحاديث وحوارات تدور حوله ، فالحوار في هذا الفيلم وبالنسبة لشخصياته هو غواية ، ومغامرة ، ونشوة ، ورغبة في الانتقام أو التطهر ، وتلاحظ هذا منذ بداية الفيلم منذ حديث آن مع طبيبها النفسي ، وحتى نهاية الفيلم أمام كاميرا جراهام ، وكاميرا جراهام هنا تشبه كاميرا سودربرج لا تهتم بالحدث نفسه - بالجنس نفسه - بقدر اهتمامها بالحديث عنه والبحث عن دوافعه والرغبة في فهمه أو في التطهر منه أيضاً.
منذ البداية أيضاً يمهّد سوديربرج طريقاً ما بين آن و جراهام ، تتحدث
هي مع طبيبها فيظهر هو في طريقه ، تقابله هي باحتشامها و رسميتها في التعامل و يواجهها
بتلقائيته وفجاجته في الأسئلة ، حقيقة كنت متفهمة للتقاطع الذي صنعه سودربيرج بين
الشخصيتين ، كلاهما وحيدين ، يعانيان ، غير متصالحين مع عالميهما ، ولكنني لم
أتفهم النهاية التي وجدتها بشكل ما رومانسية ساذجة ، لماذا اتحدت طرقهما ؟ ، لماذا
لم يذهب كل منهم في طريقه ، لم أفهم ذلك ولم أحبه وخاصة أنني لم أجده يليق بكل تلك
العقد الموجودة منذ أول الفيلم .
من هذا الفيلم يتضح كيف أن ستيفن سوديربرج سيكون له سمعة وباع في كلا النوعين من الأفلام سواء الآرت هاوس أو التجارية الضخمة ، فقدرته على تناول ما وراء الأحداث ، قدرة ما يكتبه من سيناريو ويخرجه بكاميرته على التقاط هذه التفاصيل الصغيرة ، ثم قدرته على كتابة سيناريو قوي ، إدارة ممثلين بهذه الاحترافية ، وإخراج فيلم بهذا التماسك ، كل ذلك يمهد له طريقاً جيداً في تقديم نوعية أفلام ترضي كلاً من المهتمين بالسينما أو المشاهدين العاديين.
0 التعليقات :
إرسال تعليق