كتب : مصطفى فلاح
التقييم
: 3.5/5
بطولة
: جيك جيلنهال ، رينيه روسو ، بيل باكستن
إخراج
: دان غيلروي (2014)
على عكس عدد ملحوظ من أبناء جيله , لم يستطع
الأمريكي دان غلروي إنجاز الحالة الفنية التي تجذب له عدسة المُتابع السينمائي
رغم إستهلال مشواره ككاتب للسيناريو قبل عقدين ماضيين , كما أنه لم ينطلق مخرجاً من
الأساس حتى هذا العام و هو يوجه ضربة سينمائية في وجه بعض الأعمال التي تحمل نفس التيمة
السوداوية السابقة لإختلال المنظومة الأخلاقية لشخص إختار الطريق الأكثر وعورة في لملمة
شتات الذات المُتأخر .
ما يوفره هذا النص هو محاولة تشييد فلم تشويقي
لحدث رئيسي لم يأتِ بعد , السطور الثانوية فيه تزدحم بالتدريج لترسم الخط العريض في
آخر المطاف , لكن غلروي يملك هنا قدرة على سرد جيّد و على تشييد مواقف مصوّرة على
نحو مثير , تكفي براعة السيناريو الذي كتبه في النطق بالكثير من الأبعاد النفسية و
الإجتماعية التي يطرحها من غير كلام , و في إحكام ذلك الإحساس الكابوسي الأشد تعبيراً
عن هاجس الوصول للنجاح بأي طريقة و صنع الذات بأي ثمن ؛ فلمه - كما هو عنوانه - خالٍ
من (أل) التعريف , هو فلم من دون أن يكون "الفلم الذي ..."
يُتقن التعبير عن إحساس بارانويا العظمة الذي يكمن في وجدان الجميع و تُغذيه آلة الأعلام
الزائف حتى يبلغ أشده !
دان غلروي , الأخ الأصغر للصانع السينمائي الأكثر شهرة
و نجاحاً توني غلروي , لا يستطع مُراوغة ذلك الشعور الذي يتولّد لدينا مع
بدء العمل , يتضمن شغله الكثير من المُلاحظات حول سلوكية بطله المُريبة و دكانة العالم
الذي يعيش فيه منذ اللحظة الأولى التي تقع فيها أعيننا عليه , لا يساورنا الشك لحظة
واحدة في هذا التأسيس المُحكم للشخصية الرئيسية , نرى ماضيها و نتوقع مُستقبلها من
خلال ذلك فقط و لذا لن تصدمنا أي مفاجأة قادمة كما لن تصدمه هو نفسه .. تماماً !
بعد أن يؤسس الفلم لحالة التوحد تلك من جانبك
, يدخل بك إلى عالمه الروائي أكثر , و هُنا يتفوق غلروي مرة أخرى و هو يحفر
أعمق من أفلام الجريمة الغامضة المُعتادة من خلال الطريقة المنظمة مع لمسات ساخرة التي
يستخدمها في إستكشاف بوادرها الحقيقية الكامنة في كُل شخص يرفض تصديقها , و أيضاً بتعريته
للنظام الإعلامي الذي يشوه الخبر و يُغذي به عقول جمهور مُتعطش لمُشاهدة نصف الحقيقة
فقط و تصديق ما يُريد تصديقه !
رغم إعتماد المُخرج على ميزان شديد الدقة في
رسم شخصياته القليلة و إختيار المُمثلين , الذين لن تدري إن كانت براعة أدائهم تعود
إلى قدرتهم على الإرتجال , أم إلى البروفات المُتقنة التي لم تترك شيئاً للصدفة , فإن
الفلم عبر سريعاً على بعض الشخصيات التي كان من الممكن أن تصبح أكثر عمقاً , و هو يتعامل
معها جميعاً عن طريق الحوار أكثر من الحدث , كما في شخصية (مُتسلل ليل) آخر
يبدو أنه شكلّ العقبة الوحيدة للبطل و هو على طريق النجاح .
0 التعليقات :
إرسال تعليق