كتب : فراس محمد
التقييم : 4.5/5
بطولة : لوك سيمون ، لورا دوك
كوندوميناس
إخراج : روبير بريسون (1974)
عودة روبير بريسون لفترة فرسان الطاولة المستديرة وفترة ما بعد توقف
البحث عن الكأس المقدسة , وتناول شخصية اسطورية كلانسلوت البحيرة
يبدو غريباً ، من حيث الافكار ، ويبدو غريباً تناوله كأسلوب مختلف عن كل الافلام التي
سبق ان تناولت هذه الفترة او فترات سينمائية تاريخية أخرى ، ولكن بالمقابل استطاع بريسون بتقشفه
واستغلاله المتقن لأدواته السينمائية ان يمنح هذه الفترة صورة السينما التي اراد ،
والافكار التي اراد دوماً معالجتها ، بتشريح غريزة شخصياته تجاه الممنوع , تجاه الضغط
الذي تشعر به نحو هدف معين , الوصول للأهداف او السعي خلفها يخضع لعملية تحليل للوصول
بالشخصية لاتخاذ قرارها بالتنفيذ وللوقوع في مطباتها .
اسلوب بريسون منح هذه الفترة التاريخية بعداً بصرياً واقعياً جداً , يبدو
الفلم وكأنه ينتمي للفترة التي اتى منها دون رتوش , دون مؤثرات تاريخية زائدة عن اللزوم
, دون تكثيف المشاعر التي عادة ما تكون واضحة في هذه النوعية من القصص , كتصوير الشخصية
بحالة بطولية , وخاصة لانسلوت ، بريسون لم ينزع عنه صفة البطولة لكنها لم تكن محور الشخصية ، بل
عبر من خلالها عن عمق صراعاته الداخلية ، في النذر الذي يؤلمه عدم الايفاء به بإيجاد
الكأس المقدسة , في موقعه ضمن فرسان الطاولة المستديرة , وفي حبه للملكة جونيفيف ، صراع
ما بين البطولة والحب , ما بين صفة الفروسية , وصفة العاشق , وبين كل انهار الدماء
التي سكبت لتعزيز هذا الصراع التاريخي ، بخيانته لملكه آرثر زوج الملكة جونيفيف وما اندلع
بينهما من حروب , وبموقفه امام من يجد في علاقته خيانة تستوجب الاغتيال .
البطل الرئيس في هذا الفلم يبدو انها الدماء , التي سكبت بكل الاشكال وبكل
الطرق , دماء لإثبات الاهداف , لإثبات الفروسية , ولإثبات الولاء , للدرجة التي بدت
فيها رخيصة أكثر من اللازم , ومع ذلك ، هناك بحث كان قد منع لانسلوت من اتمامه
عن كأس احتوت دماء المسيح , يبدو ان المقاربة بين هاتين الفكرتين تحمل الكثير من التأويلات
، لكن أفضل ما في الفلم بخلاف خضوع هذه الفترة التاريخية لكل قواعد بريسون السينمائية
، هو انها مازالت تحتفظ بطابعها الاسطوري , مازالت تمتلك بصمة قصص الميثولوجيا التاريخية
، وصراعاتها الدموية وافكارها التي يمكن اسقاطها على كل الازمنة .
كان بريسون قد شارك بهذا الفلم في مهرجان كان ونال عنه جائزة الفيبريسكي
العالمية ، ورفض حينها قبول الجائزة .
0 التعليقات :
إرسال تعليق