كتب : محمد السجيني
التقييم : 4.5/5
بطولة : آغاتا كولاشا ،
أغاتا تشيبوخوفسكا
إخراج : بافل بافليكوفسكي (2014)
تدور أحداث الفيلم في بولندا عام 1960 ، ويحكي قصّة فتاة تُدعي آنا تبلغ من
العُمر ثمانية عشر عاماً وتعيش في دير ، تُخبرها الراهبة المسئولة أنها يجب أن
تقابل خالتها قبل أن تنصب رسمياً كراهبة ، تذهب آنا الى خالتها واندا لتكتشف
ان اسمها الحقيقي هو ايدا و أنها من أصل يعود الي عائلة يهوديّة بينما قُتلت
عائلتها علي يد فلاحي بولندا الكاثوليكيين بعد أن آووهم ، تعرف أيدا أيضاً ان
خالتها عملت كقاضية وأصدرت احكاماً بالإعدام على من عادوا الثورة وأن لها ابناً
مات مع عائلتها ، وبعد محاولات عديدة تتقابلان مع القاتل الحقيقي و تذهبان معاً الى
المكان الذي دُفنت فيه الجُثث ، بعد ذلك تُقرر خالتها أن تودّع الحياة بعد ان عجزت
عن التعايش مع الماضي أو تجاوزه ، وتذهب ايدا لتحاول أن تستمتع بملذّات الحياة وتقلد خالتها فتُجرّب
التدخين والخمر ومُمارسة الجنس قبل أن تعود الى الدير مرّة أخري كي تهرب من العالم
القذر .
لأوّل وهلة يبدو عمل بافليكوفسكي هُنا عملاً تقليدياً ، لكن مع بعض التأمُّل في
السيناريو ونظرة مُخرجه يزداد تقديره ، تقليدية الفيلم هُنا في حديثه عن الاضطهاد الذي
واجهه اليهُود ابان الحرب العالميّة الثانيّة بفعل النازيين او خطابهم المُعادي
لليهود ، لكن الفيلم هُنا لا يعرض المأساة ذاتها وانما يعرض آثارها علي شخصيتين ايدا وخالتها واندا ، ويُركز
السيناريو علي هاتين الشخصيتين ولا يذهب في متاهات أخرى قد تضرب ايقاعه ، لا
يجعلنا ننتظر حدثاً مُهماً قد يحدث في حياتهم ، وانما نُراقب تفاصيل ما يعيشونه
لتقدير ما يتخذونه من قرارات ، و يُقدم الفيلم في هذه الجُزئيّة تناقضاً بين
الشخصيتين ، المرأة الشيوعيّة التي ساهمت في بناء الدولة الآن تبدو مُستهترة لا مُبالية
تداوم على الخمر والتدخين كمن يحاول الهروب من أمرٍ قاسٍ حدث لها ، على الجانب
الآخر هُناك ايدا البريئة الطاهرة بملامحها الهادئة وايمانها الظاهر ،
ويدعم ذلك التناقض حتى على الصعيد البصري في المواجهات بين الشخصيتين خصوصاً في
أول مُقابلة حين تذهب ايدا لخالتها وتفتح لها الباب ، الكاميرا تلتقط المشهد من
بعيد لتمنحنا عين المُراقب ، تقدّم ايدا من الخلف بينما الخالة من الأمام وتحافظ علي مسافة بينهما
ويمتد التناقض حين ترتدي الخالة ملابس داكنة بينما ترتدي ايدا ملابس فاتحة
اللون .
اخراجياً يتوهّج بافليكوفسكي جداً ، ما يُقدّمه الفيلم لا يعتمد علي خطاب عاطفي
مؤثّر يجذب قلوب المُشاهدين ، وانما يُبطيء ايقاعه قدر الامكان ويستخدم موسيقي
كلاسيكيّة تخدم طريقة التقديم ، يصور الفيلم كاملاً بالأبيض والأسود وبكاميرا ثابتة
- باستثناء المشهد الأخير الذي يصوّر اضطراب نفس ايدا ليوحي بالحقبة الزمنيّة التي
يستقي منها أحداث الفيلم ، ويحافظ علي ذلك في حجم الكادر المُشابه لكادرات أفلام
الستينات وفي الديكورات الداخليّة أو حتى في المشاهد الخارجيّة في الغابة أو في
طرق بولندا .
0 التعليقات :
إرسال تعليق