كتب : فراس محمد
التقييم : 5/5
بطولة : سيما مبارك شاهي ،
شايسته إيراني
إخراج : جعفر بناهي (2006)
لم اكن اتوقع ان يكون النشيد الوطني الايراني مؤثرا لهذه الدرجة ,
بالطريقة التي وظفه بها العبقري بناهي , بدا لي ما التعريف الاخلاقي لكلمة تسلل .
هذا الفلم يمثل المعنى الاخلاقي لهذه الكلمة , تسلل , كسر لمجال
الرؤية , واللعب على الهامش , والتواجد في المنطقة التي لا تظهر لأحد , بناهي صور
فلمه هذا كله في حواشي الحدث , لذلك كان كل تفصيل هو عبارة عن حدث , كل شخصية هي
عبارة عن هدف , كل انذار هو عبارة عن سكين جارح بكل معنى الكلمة .
لم يكن هناك رابط حقيقي بين مشاهدتي لهذا الفلم و بين يوم المرأة العالمي (اليوم
الذي شاهدت فيه الفلم) , ولكن يبدو ان الصدفة هنا لها دور , عادة لا احب الافلام
التي يصنعها الرجال للحديث عن حقوق النساء , ولكن بناهي هنا كسر كل
نمطية هذه الافلام , وصنع بالأحرى فلما احتفالياً بإيران التي شاهدناها للتو ,
تأبينياً لإيران لا يريد هؤلاء ان يعيشوها , أولئك الذين يفرحون بتأهل ايران لكاس
العالم وهم في سيارة نقل السجناء مقادين لشرطة الآداب .
بناهي لم يتحدث فقط هنا عن
سلطة نظام سياسي فحسب , هنا يتحدث عن عقلية غزت العقول المنضوية تحتها وكأنها عدوى
, وهذه نتيجة , لكل نظام اسلامي سيستلم حكماً سواءً في الماضي البعيد أو الحديث ,
ولكنه حمله هذه المسؤولية , بشكل أو بآخر , رغم ذلك لن تجد في فلم بناهي مذنبين
, لا يمكنك ان تلوم الفتيات لحبهن لكرة القدم , ولا يمكنك ان تلوم الجنود
لاحتجازهن , هنا اصبحت الشعرة فاصلة لحد ما بين الواجب وتأديته , وبين الاوامر
واطاعتها , بناهي وظف مواهب تمثيلية مهمة في هذا العمل لتقديم هذه الجزئية حصراً ,
يمكنك ان تشاهد التوتر واضح على الجندي المسؤول , أداء رائع جداً من هذا الرجل .
بناهي قدم في فلمه حب
ايران للحياة , حب شعبها للحياة , شعار تحيا ايران تردده الفتيات وهن خلف قضبان حديدة يبدو لي موقفاً عبثياً
جداً , لكنه مفهوم , أيضاً بناهي قدم حب شعب ايران لوطنه , سواري العلم الايراني لم تنزل
عن اكتاف الفتيات ايضاً وهو خلف القضبان , موقف عبثي آخر , ولكن بالابتعاد عن كل
اسقاطات الفلم فاعتقد انها واضحة لكل من شاهده , وهي رغم رمزيتها إلا انها تتحدث
من تلقاء نفسها وهذا شيء يحسب للعبقري بناهي , انه خاطب الوعي لدى المشاهد بذات الكثافة التي خاطب
فيها احساسه بتوتر الحالة , ما يجدر الحديث عنه , هو أسلوب تقديم هذه الحالة ,
شفافيتها والسلاسة الكبيرة التي قدمها حيث بدا الشعور بوجود الكاميرا معدوماً ,
بدت التفاصيل الحوارية مهمة جداً لتظهر كم هؤلاء الجنود وكم تلك الفتيات , صادقين
, محاصرين , ولكنهم بشكل أو بآخر , لديهم اسلوبهم الخاص في التعامل مع هذا الوضع ,
يمكنك ان ترى شخصية الفتاة الجندي , كل الشخصيات في كفة وهذه في كفة أخرى ,
التحايل بأقصى درجة , كي يصل صاحبه للهدف المشروع
, أو الفتاة التي تبدو اقرب لأن تبدو كرجل من أن تكون انثى .
بناهي , ايراني جداً ,
ايراني كما كل الايرانيين , ولكن الصعوبة في ما قام به , هو ان يجعل كل مشاهديه ,
يفهمون ما معنى ان تكون ايراني ضمن هذه المواقف .
هذا الفلم عظيم , وصلت حرفية المخرج الايراني وحبه للسينما ولبلده
لأقصى درجة .
بناهي جعلني اشعر بالحسد ,
ما قام به يجعل الامل موجوداً , بنظر المخرج على الاقل , وما قام به ايضاً جعلني اشعر
, بأن لا امل , إن لم نستطع ان نعبر عن انفسنا بذات الابداع الذي عبر من خلاله بناهي , عن
نفسه , وعن بلده , من المؤكد , ان الأمل لديهم , قوي , بناهي مصدر أمل مهم ,
لهذا في نهاية الفلم , شعرت ان النشيد الوطني الايراني , يجب ان يكون مؤثر , هذه
وظيفة الاناشيد الوطنية .
0 التعليقات :
إرسال تعليق