كتبت : فاطمة توفيق
التقييم : 4.5/5
بطولة : مايكل فاسبندر ، دامنال
غليسن ، ماغي جيلنهال
إخراج : لينارد آبراهامسن (2014)
بمعادلة صعبة وشكل متسلل يبحث فيلم (فرانك) المنتج هذا
العام وتم عرضه في آخر دورة من مهرجان ساندانس ، يبحث الفيلم عن المفهوم الحقيقي لمصطلحات كـ
(المختل عقلياً) أو (المريض نفسياً).
يقدم شخصية جون وهو شاب يعمل في مكتب بارد يقوم بوظيفة مملة إلا أنه يحب كتابة الأغاني ويبحث عن مصادر إلهام في عناصر الحياة من حوله ، حياته التي لو نظرت إليها بمنظار أوسع ستجدها ضيقة جداً محدودة جداً ، ولكن على الرغم من ذلك يحرص جون على تدوين خواطره على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي رغم العدد القليل جداً لمتابعيه والذي لا يتعدى العشرين فرداً .
ترميه الصدفة للتعرف على فرانك وفرقته ذات الاسم المكون من حروف كثيرة يصعب نطقها
وسرعان ما ينضم إليهم للعزف على الأورج ، يسافر معهم لتسجيل ألبوم ويحرص على تدوين
يومياته على الانترنت ، فرانك وفرقته على الرغم من سهولة وصفهم بأنهم مختلين عقلياً و
غير سويين وخصوصاً مع تاريخ أكثر من فرد منهم في المصحات النفسية ، إلا أنهم
يملكون موهبة مختلفة ، متجددة وجميلة ، مع حرص جون على تسجيل رحلته
معهم ووصفه لتغير حياته بجوارهم يزداد عدد متابعيه بشكل يجلب الفرحة ليس فقط لجون وإنما
أيضاً لك أيضاً أنت كمشاهد للفيلم ومتابع لموهبة تلك الفرقة والتي قد ترى أنها
تستحق الانتشار وأن في ذلك نجاحها ، هنا الفيلم يلعب ويعبث في قناعاتك الشخصية .
فرانك برأسه الكبير المزيف وعاداته الغريبة وباقي أعضاء فرقته بغموضهم واختلافهم يلعبون دور المرآة التي تعكس حقيقة ما وصلت إليه حياتنا ، دور جون فقط كان بمثابة الشخص الذي يُعدّل من وضع المرآة لننظر إليها ، لينظر هو نفسه إليها ، بل ليبرز هو باختلافه عنهم مدى التشوه الذي وصلنا إليه ، جون هو الشخص العادي الموجود في كل مكان ، الموظف الهادئ المتوسط في كل شيء ، لا يميزه شيء ، والذي في وجوده في الصورة بجوار فرقة فرانك يبرز طبيعيته وشذوذهم ، إلا أنه ومع التدقيق أكثر ستكتشف مدى تشوهه هو ، تشوهنا نحن بمجتمعاتنا وتحضرنا الحديث ، إن كان فرانك أو دون أو كلارا مختلون أو مريضون فعلاً أو بمقاييسنا ، فنحن أكثر اختلالا ومرضاً ، مشوهون أكثر ، فسدت فطرتنا وقدرتنا على تقييم الأشياء ، ليس ذلك فقط وإنما أيضاً زادت قدرتنا على إفساد ما حولنا مما لم يفسد بعد ، قد يكون جون هو صاحب القدرة على إفساد كل شيء في إطار الفيلم وشخصياته إلا أن الذنب ليس ذنب جون في النهاية ، بل هو ذنب القيم والمقاييس التي استند عليها ليصلح الأمور ويجعلها أفضل كما اعتقد إلا أنه زاد من إفسادها .
في الفيلم أيضاً يظهر السعي الحثيث المريض في مجتمعاتنا الحديثة نحو
الكمال ومعرفة كل شيء من خلال طريق أحادي عقيم نشاهده من خلال جون الذي يبحث
عن طريقة لصنع الابداع من خلال مشاهدته لفيديوهات التنمية البشرية ، وأيضاً من
خلال متابعيه الذين اهتموا برحلته وتغير حياته مع الفرقة أكثر من اهتمامهم بموسيقى
الفرقة وموهبتهم ، متابعيه الذين يزداد عددهم أكثر كلما ازدادت الأمور درامية .
في النهاية ، الفيلم ذكي وفي نفس الوقت بسيط ، وهذا سر جماله على الرغم من الانهاك النفسي الذي يعرضك له ، بالإضافة الى صورته الجميلة و أداء فريق الممثلين فيه وعلى رأسهم مايكل فاسبندر في دور عظيم لا يظهر فيه وجهه ، استخدم فيه كل طاقاته التمثيلية من خلال صوته وحركات جسده ليقدم أداء جبار لا ينسى ، يظهر أيضاً تأثر وتقدير صانعي الفيلم لفيم فيندرز و فيلمه Paris Texas في حديثهم عنه وخلق شيء من أجوائه خلال الفيلم .
0 التعليقات :
إرسال تعليق