كتب : محمد السجيني
التقييم : 5/5
بطولة : برونو غانز ، إيزابيل رينو
إخراج : ثيودوروس أنجيلوبولوس (1998)
يقول انجيوبوليس في حديثه عن الفيلم : رجل يحتضر ويومه
الأخير . كيف تقضي يومك الأخير؟ ما الذي يمكن أن يحدث لنا ؟ ماذا سوف نفعل
بالساعات الباقية لنا ؟ هل تتأمل الحياة التي عشتها ، أم أنك تسمح لنفسك بأن تنساق
، تنكشف أمام كل المصادفات ، تتعقب شخصاً ما ، تفتح نافذةً أو تلتقي شخصاً لا
تعرفه ، تفتح نفسك لكل ما يحدث ، للمجئ غير المتوقع للذي لا يرتبط لكن يتضح في
النهاية أنه يرتبط ؟ .
يحكي انجيوبوليس في هذا الفيلم عن شاعر يُدعي الكسندر يؤدّي
دوره المُمثل الجميل برونو جانز ، أرمل و وحيد و عاش سنوات طويلة في مُحاولة لتكملة قصيدة
شاعر يوناني قديم ، جفّت معاني الشعر لدي الكسندر و تاهت افكاره فراح يبحث عن الكلمات ويشتريها حتّي
يُنهي ما بدأه ، تتداخل حياته وحياة الشاعر الذي اراد الكتابة عنه ويتوه في
الطُرقات ويسرح مع ذكرياته ، تتداخل أحداث الفيلم بين اليوم الحاضر وبين ذكرياته
مع زوجته ، يُقابل بالصدفة طفلاً مُهاجراً هجرة غير شرعيّة ويقرّر مُساعدته .
في الواقع ، هذا ليس فيلماً ، هذه قصيدة شعر .. حركة الكاميرا وشكل
المشاهد في الفيلم تجعل الفيلم أشبه بقصيدة شعر ، أمر ليس بغريب علي الرُجل البارع
في تتبُّع المشاعر داخل تكويناته ، يبدو هُنا صيّاداً بارعاً جداً لكادراته ويصنع
حالة مُكثفة جداً في تناول ذكريات الكسندر بكاميرا ناعمة وبطيئة ترسم اكثر ممّا تصوّر ، هُناك
مُفارقة عظيمة في الفيلم ، الكسندر المُقبل علي المُوت يساعد الطفل المُشرّد ، ويبدو هو
نفسه من بحاجة الي الطفل ، أمر تعويضي للصراع الداخلي الذي يعيشه الكسندر ،
رجُل يعلم انّه سيموت ويشعر بالندم على ما فاته ، لأنّه لم يتواصل ولم يُقدّر الآخرين
، أمر يبدو جلياً حين يقرأ رسالة زوجته الراحلة المُغلّفة بعتاب مُحب ، تكتمل المُفارقة أكثر في
الثيم البصري الشاعري في مشاهد ذكرياته مع زوجته ، وبين السوداوي القاتم في مشاهد
الطفل الصغير والجمع بينهما في مونتاج مُترافق مع الفلاش باك بشكل مُبهر ومُلهم للغاية
، انجيوبوليس هُنا في أحسن حالاته ، عاصف جداً في هلاميّة الزمن
وشخصيّة المكان وتداخل الذكريات وتباين الألوان ، هذا فيلم لا نشاهد مثله كل يوم .
0 التعليقات :
إرسال تعليق