كتبت : فاطمة توفيق
التقييم : 4/5
بطولة : يان يان يو ، تان ون شين
إخراج : أنتوني تشن (2013)
أحب الأفلام لقلبي هي تلك النوعية التي تحكي عن قصص بسيطة وتقدمها
بطريقة بسيطة بدون مبالغات أو افتعال أو ابتزاز لعواطف المشاهدين ، و على الرغم من
سهولة الأمر ظاهرياً إلا أنه نادر و قليل ، لذلك ، أفلام كهذه تعد عظيمة و فريدة
من نوعها .
الفيلم هنا يحكي عن عائلة سينغافورية في منتصف التسعينات مكونة من أب
و أم حامل و طفل في التاسعة من عمره ، احتاجت الأم لاستقدام خادمة فليبينية
لمساعدتها على قضاء أمور المنزل و الأهم العناية بطفلها المدلل الذي يسبب لها
المشاكل كثيراً ، تتكون علاقة من نوع خاص بين الطفل و الخادمة تغير منها الأم
فتتصرف بطريقة معينة إلى جانب خط مواز في القصة لمشاكل الاقتصاد في سينغافورة
وقتها و مشاكل العمل التي يواجهها الأب وكيف سيتداخل ذلك مع أمور المنزل ، كل ما
ذكرت يجعل القصة عادية متوقعة تحدث كثيراً ، فكيف صنع آنتوني تشين من ذلك
فيلماً جميلاً ؟
أولاً كما ذكرت حرصه على
عدم استعطاف مشاعر المشاهدين بأي شكل (القصة حقيقية بالمناسبة) ، السيناريو واقعي
و بسيط و في نفس الوقت ذكي ، هو لم يتعد ذلك الخط الرفيع بين ابتذال الأمر و ملئه
بالمشاعر الجياشة و بين نقل ما يدل على هذه المشاعر كما يقتضي الموقف و لا أكثر من
ذلك ، ثانياً اختيار الممثلين الذين أدوا الشخصيات جميعاً بآداءاتهم
القوية ، و بالذات الخادمة و الأم ، استطاع المخرج من خلالهم التعبير عن الكثير
فقط من خلال نظرات العيون الهاربة التي تتعمد الشخصيات إخفاؤها و نبرات الصوت التي
تختلف تبعاً لما يحرك الشخصية من عواطف تعيشها ، ثالثاً الصورة
الجميلة التي نقل من خلالها المخرج كل ذلك ، ألوانه البسيطة المناسبة للسيناريو و لتلك
الطبيعة الآسيوية في المدن الحديثة بالإضافة إلى حركة الكاميرا المعبرة عن توتر و مشاعر
الشخصيات ، أجمل مشاهد الفيلم كان تعاون رائع بين كل تلك العناصر و هو المشهد الذي
تتحدث فيه الخادمة مع أهلها في وطنها ، يجتمع التمثيل الرائع من الممثلة آنجيلا بياني مع حوار
لا نسمع منه سوى كلامها و لون برتقالي ساخن لا نراه طول الفيلم سوى في حديثها مع
أهلها ، لينقل لك كمُشاهد مدى ضيق وصعوبة ما تعيشه هي و لا يظهر جلياً سوى في هذا
المشهد ، أيضاً من أجمل الأمور هو كيفية نقل تطور العلاقة بين الطفل و الخادمة ،
بدون تسرع ، بدون ابتذال ، و إنما فقط لمسات إنسانية حقيقية ، راقية و جميلة
للغاية .
الفيلم هو الروائي الأول الطويل لمخرجه ومؤلفه السنغافوري آنتوني تشين بعد ستة
أفلام قصيرة كتبها وأخرجها بنفسه ، نال مع هذا الفيلم العديد من الجوائز أبرزها
الكاميرا الذهبية من مهرجان كان العام الماضي.
0 التعليقات :
إرسال تعليق