كتب : مصطفى فلاح
التقييم : 3/5
بطولة : تومي لي جونز ،
هيلاري سوانك
إخراج : تومي لي جونز (2014)
في
عام 2005 , أستقبلت كان أحد أعمال منافسيها بحفاوة كبيرة و أودعته جائزة التمثيل
الذكوري الأفضل في مهرجان الفلم الأكثر شهرة و عمله بجائزة السيناريو , لصاحب
ثلاثية الموت أرياغا , في نفس العام أيضاً ؛ تومي لي جونز ,
المُمثل الكبير , قدم في شريطه الروائي الأول و هو على مشارف عقده السادس "عمل الويسترن
الأمريكي الأهم منذ رائعة (أيستوود) التسعينية" ، كما جزم أكثر من
شاهده .
بعد
قرابة العقد , يعود جونز ليترك موطأ قدم جديد في هذه الأراضي التي هجرتها الرحمة ,
أن يفتح نافذة خلفية على صراع جديد في إقليم لا يخلو منها , يروي فصل الشموخ
الأنثوي الذي تم أغفاله في حديث النصف قرن عن الغرب الأمريكي , و يضيف لفظة (نيو/جديد)
لصنف (ويسترن) الذي أنحسر مع مرور الأعوام .
رُبما
لو عُدنا بالذاكرة قليلاً الى الوراء و تطلّعنا مُشاهداتنا من أفلام الغرب الأمريكي
هذه لوجدنا أنه كان يمكن أن يكون النوع الأسرع تصنيفاً لمن هو بطل و من هو شرير
فضلاً عن كونه المُجسد المثالي لمبدأ (من هو مع البطل فنحن معه و من هو ضدّه فنحن ضدّه) , بل لرُبما
كانت قصة العمل (غالباً) مبنية
على هذا الأساس رغم إعترافي بعظمة عدد لا بأس به منها ؛ جونز , على قلة عدد
المرات التي وقف بها خلف كاميرا , لا يُقدم للجمهور ما ينتظره من صنف كهذا أو
يُفضله من عمل ينتمي أليه , لا يجعل تمييز بطله أمراً يسيراً على المُشاهد , يزرع
فيك كَرهاً ذلك الشعور المشوش الذي ينتابك مع إفتتاحية العمل و شعور الرضا التام
عند إختتامه .
عمله
هذا , الذي يشارك في كتابة نصه الروائي المُقتبس للشاشة , هو أقرب لدراسة
سيكولوجية منه الى إستعراض كلاسيكي لمُغامرة تنتمي لحقبة القرن التاسع عشر , عن إمرأة
ثلاثينية وحيدة تتقدم ساكني قريتها الصغيرة بعمل ريادي يتمثل في قيادة عربة بصحبة ثلاث
نساء مضطربات عقلياً و رجل من عتاة المجرمين (أو كما يقول) عبر الصحراء الأمريكية
من أجل أعادتهم لمصحة المدينة و طرد الأرواح الشريرة التي تسكنهم (أو كما يقولون) !
، فالوجهة هنا لا تهم جونز بل يحاول بإصرار أن يتلافى الحديث المشوق عن مخاطر رحلة
قاسية كهذه من أجل تكثيف العدسة على نوازع بطل عمله الفظ - و هنا تقلبات جونز المجنونة
و رقصاته المفاجئة تذكرني بـ (والتر هيوستن) في Sierra
Madre و رغبات بطلة عمله المكسورة و هي تحاول ترويضه - و هنا ترقب هيلاري سوانك , حاملة
الإوسكارين , في تنافس مُحتدم من أجل ثالث.
جانب
من جوانب هذا الفلم الأخرى التي تستحق الإشادة هو تعامله الذكي مع الخصائص الإجتماعية
الغريبة للريف الأمريكي في ظل التحولات العظيمة التي عصفت بالبلاد و هذا يتسلهمه
المُخرج في هالة اليأس الذي تُحيط بهذه المرأة القروية المُميزة التي يأبى حتى
مُعدمهم الزواج منها , و مع الخصائص البيئية أيضاً و هذا ما يستحصله بإمتياز من
عرض العلاقة بين الأنسان و الطبيعة و تأثير أحدهما في صُنع الآخر؛ جونز , في دور (رجل المنزل) ,
كترجمة حرفية لعنوان العمل , يبدأ الرحلة بشكل معكوس , من طرفها الأبعد عن الحضارة
(الغرب) و يتوجه بها تدريجياً صوب (الشرق) من أجل إبراز
جلي واضح لهذه الخصائص ؛ يجسد الطرف الثاني من علاقة مُتنافرة في بدأ العمل ,
حميمية قليلاً في مُنتصفه , و عاطفية بشكل أكبر عند إنتهائه , و هذا ما يُميز
أيضاً ميله المُتقن الى التأمل الفلسفي في المصير عوضاً عن خلق أثارة سطحية تُغطي
ملامح هذا العمل و تجعل من نوع هذه العلاقات المُعقدة بسيطاً , تنساها مع نسيانه !
كثيرة
هي تلك الأمور التي سأتذكرها من عمل كهذا بالرغم من ثغراته و عيوبه في تقليصها ,
منها : نفس توبوغرافي جميل تكفله عدسة المُرشح الأوسكاري رودريغو برايتو رغم
مسرحية الأحداث ،
موسيقاه التي تمتلك حنيناً خاصاً لسينما فورد بأنامل و دقات قلب بلترامي , رائد سينما
الرُعب , في تخليه عنها مرة أخرى لغزو الأراضي المكسيكية (موقع التصوير) مع جونز ؛ و
أخيراً , مُشاهدة مُنتظرة لردود أفعال العامة في صنف كهذا : الراندي , الداندي , و
كل أحد آخر يقف وسطاً بينهما !
0 التعليقات :
إرسال تعليق