الجمعة، 10 أكتوبر 2014

The Bling Ring

كتبت : فاطمة توفيق

تقييمه : 4/5

بطولة : كاتي تشانغ ، إيما واتسن
إخراج : صوفيا كوبولا (2013)

القصة كالتالي ، مجموعة من المراهقين قاطني لوس آنجلوس يتتبعون المشاهير ، يعرفون مواعيد غيابهم عن منازلهم ليسرقونها ، القصة حقيقية ، لماذا لفتت القصة نظر صوفيا كوبولا و لماذا قدمتها في فيلم ؟

في الحقيقة أرى أن صوفيا كوبولا هي الأكثر قدرة على تقديم أفلام تحكي عن أشخاص عالمنا الحديث ، أولئك البشر الوحيدون ذوي المساحات الفارغة في الروح ، تلك المساحات المؤلمة التي لا تجد من يملأها أو يداويها ، وهي – صوفيا - تستطيع خلق خيط رفيع حساس جداً يربطك كمشاهد بمن تحكي عنهم على الشاشة ، قدمت ذلك بمنتهى الرقة والعذوبة في Lost in Translation ثم قدمته بشكل صادم هادئ ومؤلم في Somewhere ثم قدمته هنا في الفيلم بشكل سريع ممتع في ظاهره و لكنه مزعج جداً فيما تقوله هي من وراء الصورة.

صوفيا قدمت هنا عدة أمثلة عن جيل يعيش في ظل وتحت سيطرة كاملة للرموز التي يركز عليها الإعلام الأمريكي ، بل إعلام العالم كله ، هؤلاء "الآيدولز" الأيقونات الذين يتحدث عنهم الاعلام ومواقع التواصل يومياً و يتابعهم بهوس ليجعل لهم مساحة في حياتك أكثر من أصدقائك و عائلتك ، وفي المقابل الشخصيات هنا من ذوي تلك الأرواح الفارغة بالفعل ، مراهقين يفتقدون الثقة بالنفس ، الدعم النفسي الكافي ، ينشغل ذويهم عنهم مع غياب تام تقريباً للقيم و للقدوة مما يجعلهم تحت تأثير مباشر لتلك الشخصيات والنجوم التي تملأ عالمهم ، و لسخرية القدر يصبحون هم نجوم يطلب تواصلهم الشباب بعد فضيحة ما فعلوه ، يقول مارك أحد أبطال القصة : "على الرغم من سوء ما فعلناه فقد أصبحنا نجوماً ، أمريكا تملك بالفعل مخيلة مريضة."

من الملفت والمميز أيضاً كان شخصية الأم الوحيدة التي ظهرت تهتم بأولادها في الفيلم ، أم نيكي ، خلقت لهم تعليماً خاصاً اعتقدت أنه يهتم بالروح وأهمية الانسان في الحياة ولكنها لم تستطيع هي حمايتهم من كل ما يجري حولهم من تأثير خارجي ، بل هي نفسها كانت تقدم لهم شخصيات من أولئك المشاهير على أنها أمثلة جيدة في الحياة ، بل و تنافس ابنتها على الاهتمام الاعلامي ، تنظر لابنتها بفخر على ما تجده من هذا الاهتمام .

من اللحظات التي تم التركيز عليها أيضاً في الفيلم هي اهتمام الشباب بردة فعل المشاهير بعدما افتضحت فعلتهم ، ليس فقط الشباب و إنما الاعلام ، عندما كان يتم التحقيق مع إحدى الفتيات لم يثر حماسها سوى معرفة ليندسي لوهان بأنها هي التي سرقت منزلها ، و عندما خرجت إحدى الفتيات من السجن كان أكثر اسئلة المذيع معها عن ليندسي لوهان التي كانت تقضي معها فترة عقوبتها في السجن ، ومن المثير للضحك أنه عندما تقوم بالبحث عن الفيلم تجد أن كل الاهتمام على إيما واتسون رغم إنها ليست الشخصية الأولى و لا حتى الثانية الرئيسية في الفيلم ، أغلب الأسئلة الموجهة لصوفيا كوبولا في لقاءاتها عن الفيلم كانت عن إيما واتسون ، لأنها بطبيعة الحال الأكثر شعبية في فريق العمل.

و بخصوص إيما واتسون ، فانا أنزعج من تمثيلها و أجدها أبعد ما تكون عن ممثلة بارعة بل مصطنعة جداً و حققت شهرتها فقط بسبب سلسلة أفلام هاري بوتر ، و انزعجت أكثر عندما عرفت بوجودها في فريق عمل فيلم لصوفيا كوبولا ، إلا أنني و أنا أشاهد الفيلم وجدت أن صوفيا أحسنت الاختيار جداً ، بل ربما هذا هو الدور الأنسب لإيما واتسون في مسيرتها الفنية ، ليس لأنها أدت الدور ببراعة ، و لكن لأنها ببساطة تعبر عن نفسها وعن عالمها من خلال تلك الشخصية ، الأمر واقعي جداً و لا يحتاج منها أية تمثيل ، عالم نيكي وشخصيتها وتصنعها في الدفاع عن نفسها هو خير تعبير عن إيما واتسون.

في النهاية صوفيا كوبولا حينما تتكلم عن شخصيات هذا العالم المعاصر ، تلك الشخصيات الوحيدة ذات الفراغات في الروح فهي تحكي و بخصوصية شديدة عن طريقة تعبير كل شخصية عن آلامها ، و طريقة التعبير هنا كانت صاخبة مزعجة تمنعك عن التركيز مع نفسك ، و تعبر عن مدى سطحية شخصيات أولئك الشباب و افتقادهم للثقة و الأمان ، و كان ذلك واضحاً وخصوصاً من خلال الموسيقى الصاخبة التي تغلف الفيلم بالكامل ، ماعدا بعض لحظات الهدوء التي تحاكي بشدة لحظات الغرق ، حينما كان أولئك الشباب غارقين تماماً غير مدركين لأنفسهم و ما يفعلونه.

ملحوظة أخيرة ، الفيلم و في بعض اللحظات ذكرني بفيلم The King of Comedy لسكورسيزي و دي نيرو ، على الرغم من الاختلاف الكامل بين الفيلمين و بين دافع شخصية بابكين التي قدمها دي نيرو الذي كان يريد فقط أن يكون نجما لأنه يملك موهبة تستحق و دوافع الشخصيات هنا ، إلا أن الفيلمين ينتميان لذلك العالم المزعج والمؤلم لأرواح معذبة وقعت بالكامل تحت سطوة وسيطرة الاعلام ولم تجد تنفيساً لذلك سوى بطرق متطرفة جنونية .

Like


0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter