كتب : فراس محمد
التقييم : 4.5/5
بطولة : مارشيلو ماستروياني ،
سيلفانا مانيانو
إخراج : نيكيتا ميخالكوف (1987)
هذه رحلة في ذاكرة شخص حالم , أو ربما , في مخيلة شخص حالم .
المخرج الروسي نيكيتا ميخاليكوف يحب اظهار ميله لمهد السينما العالمية الاول
, ايطاليا , كل الافلام التي شاهدتها له فيها رائحة وملمس الفلم الايطالي , لكنها
بهوية , وخصوصية روسية , الفرق الجوهري بين ميخالكوف و باقي
اقرانه الروس , انه راوي قصص , و هو في الحقيقة راوي قصص ممتع , و يستطيع ان يجمع
ما بين الحبكة القصصية المثيرة و المؤثرة , و ما بين افكاره و عمقها , كما في
افلامه الاخرى , The Barber of Siberia, والتحفة التسعينية , Burnt by the Sun .
و لكن هذه المرة نيكيتا كان اكثر ايطالية , اكثر مما عهدته , فقد قدم فلماً ايطالياً
خالصا , و استقدم عبقري السينما الايطالية مارسيلو ماستروياني , في الفلم الذي منح هذا الاخير فوزه
الثاني بلقب افضل ممثل في كان , و كان احد ثلاث افلام نال عنها ماستروياني
ترشيحا لأوسكار افضل ممثل .
شعرت كثيراً و انا اشاهد هذا الفلم , بأسلوب تورناتوري , بملامسته
لذكريات شخصياتها , لتبدو و كأنها ذكريات شخصية لمشاهديه ، كان نيكيتا يتكلم
عن ماضي شخصيته , بنفس الحب الذي تكلم به تورناتوري عن السينما في رائعته Cinema Paradiso ، رغم ان فلمنا هذا يسبقه بعام , لكن اللمسة تبدو متشابهة , و ذلك من
خلال تقديمه لشخصية رومانو , الرجل الذي لديه الكثير من القصص ليرويها , عن ماضيه
, عن حبه لفتاة روسية , لعينيها السوداوين , و الأبرز , عن قدرته العجيبة على
رواية القصص , مارسيلو يعرف كيف يروي قصص مخرجيه , يعرف كيف يلعب على وتر
الذكريات , قدرته على التحكم بنبرته الصوتية , على خلق ايقاع عاطفي للمشهد القصصي
, كلها أمور تجعل من السهل الإصغاء لهذا الرجل , الذي لديه الكثير من الامور التي
يخفيها , ليترك كلمة السر , لختام الفلم , كما اراد ميخالكوف .
بالرغم من أن الفلم يمتلك الكثير من الميزات , السينماتوغرافيا
المميزة , الموسيقى الفخمة , و الكثير من اللقطات التي اخرجت بمزاج عالي , إلا ان
الميزة الابرز كانت في اداء ماستروياني , أداؤه لهذه الشخصية الظريفة زادها كوميدية ,
حينما يريد ان يكون ماستروياني مضحكا
فلديه اسلوبه في ذلك , ولكن عندما يريد ان يخترق عمق المشهد , يمنحه بعداً
تراجيدياً مؤثراً , فلديه أدواته المؤثرة فعلاً , ماستروياني اختبر في
هذا الفلم اغلب انواع التحولات الدرامية , فكان بلا شك فاكهة الفلم .
ما يعجبني في نيكيتا , انه لا يخفي حبه للسينما الايطالية , ولا يخفي تأثره
بها ايضا , افلامه تحوي بساطة الشخصية الايطالية الكلاسيكية , كان في فلمه هذا
قريباً من نيل السعفة , حتى اني قرأت في أحدى المرات ان الصحافة الفرنسية
خرجت عن صمتها لتطالب لجنة التحكيم بمنحه السعفة .
0 التعليقات :
إرسال تعليق