كتبت : فاطمة توفيق
تقييمه : 5/5
بطولة : أمين جيلان ، مظفر أوزدمير
، فاطمة جيلان
إخراج : نوري بيلجي جيلان (1999)
أعتقد أن أكثر ما جعلني أعشق السينما و أرى من خلالها أبعاداً أخرى
جديدة هي الأفلام التي استطاعت أن تتوحد مع صانعها لتعبر عن عالمه ، أفكاره ، روحه
بما يكمن فيها ، قلت من قبل أن الأفلام بالنسبة لي هي اتصال روحي بيني و بين
صاحبها ، و الفيلم هنا هو أقوى اتصال روحي حدث بيني و بين نوري بيلجي جيلان
، فهو الأقرب لروحه و أكثر أفلامه تعبيراً عنه بعدما شاهدت كل أفلامه.
الفيلم يحكي عن صناعة السينما ، صناعة أفلام تعبر عنك ، عن ولادة
الأفكار و نقلها إلى الشاشة ، و أجمل ما في ذلك أنه لم يقتصر على عرضه لعالم
المخرج / المؤلف صانع الفيلم ، كما في 8 1/2 لفيلليني على سبيل المثال ، و
إنما حكى عن المشاركين فيه ، حيواتهم ، هواجسهم ، و كيف سيصب ذلك في النهاية في
فيلم لن تراه هنا ، هو في الأصل لا يحكي عن الفيلم الذي يُنتَج بقدر حديثه عن
الحياة خلف ذلك الفيلم.
الفيلم الذي يحكي عنه نوري جيلان هنا هو أول فيلم روائي طويل له و هو Kasaba
والذي سبق انتاج هذا الفيلم بـ 3 سنوات فقط ، و فكرت كثيراً بعد
مشاهدة هذا الفيلم هل كان من الأفضل مشاهدة Kasaba بعده أم مشاهدته
أولاً كما حدث معي ؟! ، إلا أنني وجدت أن سواءً شاهدت Kasaba قبل أو بعد Clouds of May
ستجد في كلا التجربتين متعة مختلفة ، لأن الفيلم هنا و على الرغم من
حديثه عن اخراج جيلان لـ Kasaba
إلا أنه تجربة مستقلة متفردة بذاتها عنه.
الفيلم يقف في مسافة بينDistant
الذي تلاه و Kasaba
الذي سبقه ، نشاهده و هو يحكي قصة صنعه لـ Kasaba وعلاقته بأهله و حكايات عن بلدته ، و من علاقة مظفر و سافيت هنا
استلهم العلاقة بين يوسف و محمود في Distant وإن كان مظفر لازال
شغوفا بفنه يجرب فيه الأفكار الجديدة على العكس من محمود الذي ترك كل ذلك و اتجه
للإعلانات التي تضمن له المال . في مشهد هنا يتحدث والدي مظفر / نوري عن
الأفلام التي ينتجها وكيف أنه لا يهتم إن كانت ستجلب له المال أم لا .
وعلى ذكر والدي نوري جيلان ، وعلى الرغم من أنهما ليسا ممثلين محترفين في عالم
السينما ، إلا أنهما قدما آدائين من أجمل ما رأيت في حياتي ، تلقائيتهما ، ابتساماتهما
المختلجة ، تعبيرهما عن الخوف و القلق و الضجر بشكل حقيقي واقعي يجعلني أفكر في
مدى الراحة التي استطاع أن يخلقها نوري جيلان في موقع التصوير ليجعلهما يقدمان شخصياتهما بتلك
الطريقة العذبة الحميمية جداً ، من أجمل المشاهد - ليس فقط في الفيلم و إنما في
السينما عموماً – و أكثرها رقة و عذوبة هو مشهد مشاهدتهم لأنفسهم من خلال تسجيلات
سابقة قام مظفر / نوري بها باستخدام كاميرته و مقارنتهم بين صورتهم
الذهنية عن أنفسهم وصورتهم التي يرونها على الشاشة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق