كتب : مصطفى فلاح
التقييم : 3/5
بطولة : جيرار ديبارديو ، جاكلين
بيسيه
إخراج : آبل فيرارا (2014)
ما يُثير أهتمامي تحديداً في أفلام كهذه هو المعالجة التي تحدد ما هو
بارز و ما هو هامشي في القصة , و بطريقة ما يستطيع المخرج أبل فيرارا أن
يعطي شخصية العمل الرئيسية )واحدة) مركزية تصنع مُحيطها
الخاص ضمن التماسك العام للسرد .
الإنسيابية هذه المرة تأتي من ذلك التقمص الذي يُحدثه جيرارد ديبارديو
و هو في العقد السادس من عمره , لرجل بنفس السن تقريباً , حرص المُخرج , و هو
الكاتب أيضاً ، على تركها لتأويل
المُشاهد الماثل أمام الشاشة فقط ؛ شخص خاوي رغم مسؤولياته الأجتماعية و أهدافه
السياسية الكبيرة , مُختل الهوية بين الرأسمالي الديكتاتوري و رب العائلة
الدبلوماسي ؛ يمتلك (حصانة) تغويه من أجل سلطة أكبر و يغوي هو بها الآخرين ؛ هو
أشبه بـ (جوردان بلفورت) هرم السن أو (غوردن غيكو) في قمة لُعبته ، ذئبا البورصة في عملّي سكورسيزي و ستون
المعنونين بـ Wall Street بالتعاقب!
فيرارا يستخدم لقطاته غير
المُريحة و كأنها جلسة لطرد الشياطين , يُعري هذا الغول المُقيت و يكشف عيوبه بشكل
حقيقي و صادم , لا يكذب و لا يساوم , لا يريد أن يمنح مشاهديه متعة مشاهدة انتقال
رجل (بطله) على هذه الشاكلة من نقطة في القمة الى نقطة في القاع , أن يصوّره وهو
ينزلق بسرعة دون أن يمد له يد العون أو يُعطيه فرصة أخرى للأرتقاء ؛ و أخيراً , أن
يجعلك تدرك الفارق بين ما هو فيه و بين ما يجب أن يكون عليه !
الشخصيات التي قدمها فيرارا سابقاً كانت كثيرة الأخطاء لكنها تواصل
البحث عن المغفرة بالخداع , كايتيل في Bad
Lieutenant و تاجر المخدرات في King of New York (عمليُه الأشهر) , ماضيها الملوث
هو الذي يصنع خطواتها الحاضرة من أجل مُستقبل أطهر , دائماً ما تحاور مرآة الذات
عن أحداث الصواب من الخطأ , و نيل العفو المُجتمعي من تبريره صواباً ! ، في
الحقيقة , (ديفيرو) هنا لا يختلف كثيراً عنها , فهو من الممكن أن يخدع
الجميع و لكنه من المستحيل أن يخدع ذاته , حتى لو تظاهر بُقدرته على ذلك ؛ و لذا
فهو يحاول إيهامها بإستخدام جميع الحيل من أجل تبرير ما يُريد تبريره !
كل ما مضى تابع الى التأويل (كما أسلفت) , و هذه بُغية صُناع الفلم في
بلورة القصة النيووركية الجديدة , ملعب فيرارا الأثير , بالتكثيف على شخصية العمل و صنع رتمها الداخلي
المُتحرر من رتم القصة ؛ فالملاحظ هنا هو التخفيف المُتعمد للأحداث و أستاتيكية
واضحة في خط مسار حدث واحد من أجل منح كل مشهد ثقله الخاص الموازي لثقل الشخصية و
الموازي أيضاً لخلق التوتر الخفي الذي تزرعه نيويورك في نفس
ساكنيها ؛ و هذا هو هدف المُخرج منذ العقدين .
0 التعليقات :
إرسال تعليق