كتبت : فاطمة توفيق
التقييم : 4/5
إخراج : زاكاري هينزرلينغ (2013)
أحد ألطف الأفلام التي يمكنك أن تشاهدها ، أحد ألطف بدايات الأفلام
تحديداً ، من خلال وجهي نوريكو و يوشيو الطفوليين وضحكاتهما سوياً وكيف يبدئان يومهما معاً ثم
بالانتقال إلى فن كل منهما ، يوشيو بفنه الصاخب ذو الألوان القوية ، ونوريكو
برسوماتها الرقيقة في مظهرها المحملة بالكثير ، ومن هنا ، من فن نوريكو ، تبدأ
حكايتهما الحقيقية.
فعلى الرغم من لطف ورقة الأمور في البداية والدمج بين تلك الصورة
الحميمية لمنزلهما الصغير مع تميز ما يقدمه كل منهما من فن ، إلا أنه مع التعرف
على أصل الحكاية ستعرف أن الوضع مختلف تماماً ، فحكاية نوريكو مع زوجها هي
حكاية ألم ومعاناة ، حكاية عن الغربة ، ليست فقط غربة عن بلدك وإنما غربة عن نفسك
وعن أحلامك ، هي حكاية عن العلاقة بين الرجل والمرأة منذ بدء الخليقة ومزيج
التعقيد والتورط والتضحية بينهما ، حكاية حب مختلف من نوعه، وأسئلة يصعب اجابتها ،
وكل ذلك مغلف بالشغف ، بالشغف بفن متفرد ، فن يسيطر على صاحبه فيجرفه معه فلا تعرف
هل هو يبعده أم يقربه من ذاته ، الفيلم حكاية عن الأحلام وتحقيقها ، وتقييمك لذاتك
ولحياتك بعد انتهاء كل شيء.
أحد أهم وأجمل عناصر الفيلم هو صورته ، التقاط الكاميرا للنظرات
الحزينة الهاربة من نوريكو ، وخوف يوشيكو المخفي تحت بهجته الدائمة ، لحظات السأم والعادية من
الأوقات بينهما ، الإضاءة النهارية المشرقة حينما ابتعد عنها ، القدرة على رصد
الألوان الصاخبة المبهجة والرسومات ذات الطابع الطفولي مع إبراز المشاعر الحزينة
القاتمة التي تملأ تاريخهما سوياً ، كل هذا يجعل الإطار البصري المغلف للفيلم إطار
متميز وممتع وحساس جدا عما يعبر عنه.
ينتهي الفيلم ليتركك تتسائل ، هل الفن يستحق كل هذه المعاناة لتحقيقه ؟
، هل الفن تعويض كاف عن كل الألم والإنهاك ؟ ، هل هناك مقياس واضح تقيم حياتك من
خلاله ؟ ، وهل للحب تعريف واضح رغم كل ما يكتنفه من تعقيد ؟ ، الفيلم هو رحلة بحث
تحوم حول إيجاد اجابات لمثل هذه الأسئلة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق