الاثنين، 15 سبتمبر 2014

Calvary

كتب : مصطفى فلاح

التقييم : 3.5/5

بطولة : بريندان غليسن ، كريس أودوود
إخراج : جون مايكل مكدونا (2014)

بين عام و آخر , أنتظر عودة أحد الأخوين مكدونا لإبراز منطقة خفية في حيوات قاطني المناطق الإنكليزية / الإيرلندية بأسلوب سردي أحببته كثيراً في الأفلام الأربعة التي تقاسمها الأخوين مُناصفة منذ قرابة نصف العقد ، موعدنا هذا المرة مع عمل الأخ الأصغر جون مايكل و هو يُتبع أفتتاحيته الإخراجية المُمتدحة The Guard بنموذج سينمائي عديد الأوجه , نموذج للشاشة التي يسجل عليها مُلاحظاته حول ما يسكن داخل الناس وسط البيئة التي تُحيط بهم , نموذج لطريقته الساخرة و تهكمه المُعتاد في تدوين تلك الملاحظات , و أخيراً نموذج للشكل الإستعراضي المُميز في عرضها .

المكان هو بطل أعمال الأخوين , مكدونا لا يستطيع مُبارحته بسهولة و أن كان يُريد ذلك ؛ ورغم تواجد عدة زوايا لكسر حدة المسرح , شخصيات كثيرة مٌقارنة بعزلة شبه الجزيرة و تفرد المكان الواحد (كنيسة , بار , شاطئ) , و حكاية ذات خيط رفيع لكنه (العمل) يبدو مُغلقاً بين أربعة جدران , مُزدحم , يلغي الخصوصية , و يكشف الأسرار دون الحاجة الى إزالة الغطاء !

بريندن غليسون يعود للإلتحاق بسينما المُخرجَين , يشكل معهم الرابط الذي تمتع به (فورد و واين) أو (فيليني و ماستروياني) في إستحواذ الإنتباه الذي يتركه أحدهما على الآخر , هذه المرة بدور القسيس الذي دفعه التهديد المُباشر الذي تلقّاه في بدء الفلم الى إعادة وضعه الإنتمائي خارج أبواب الكنيسة و التجرد من شللية قوانينها قليلاً بُغية العثور على متوعده بالقتل .

رغم الأجواء غير الودية و الحوارات الجلفية , "العنصرية جزء من ثقافتي" كما جاء على لسان بطل عمله السابق , و الجموح الجماعي معروف الأسباب ضد الكنيسة هذه المرة , إلا أن العمل لا يفقد أي من حسناته الكثيرة على صعيد الكتابة و منحه النظرة الصحيحة للأمور ؛ فـ (مكدونا) , الكاتب أيضاً , يعرف شخصياته جيداً و يوظف معرفته بشكل حسن على الشاشة حتى يغدو المُشاهد مُدركاً لمواقعها و خصائصها , لصلاحها و طلاحها ؛ قد تكون طيبة لكنها ليست بساذجة , أو شريرة رغم أنفها , قد تتخذ منها صديقاً بسرعة أو قد تنفر منها و تتركها لوحدة لا تطاق ! ، قليلاً ما نشاهد من أفلام تُحسن شرح هذه المُتناقضات الضرورية لإثارة التساؤلات في رحلة البحث عن الأجوبة ؛ فهذه رحلة القسيس في البحث عن ذاته في الآخرين و رحلة البحث عن يقين حسن العاقبة في نفوس من لا تؤمن بها , و إن كان هناك درس قاس لبطله الراغب بالبحث و حقيقة مُرة يُخبئها له القدر منذ الأزل .

الشيء الآخر الجدير بالذكر , أن مكدونا لا يدعي أكثر مما يُريد أن يُنجز , يأثر بالإستمتاع على إسداء النصائح أو ثريلر معرفة صاحب التهديد , لا يريد إنشاء مُعضلة ليست موجودة فالقسيس يؤمن بالموت في أي لحظة , و أخيراً لا يحاول خلق حالة ضيق حدودي كون المكان مغلقاً , بل يستغله (كما لو كان ملعباً كبيراً) في إستكمال سخطه من مقام ساكنيه و تقديم برهان مُقنع آخر للتحرر منه !



0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter