كتب : محمد السجيني
التقييم : 4.5/5
بطولة : براد بيت ، كيت بلانشيت ،
رينكو كيكوتشي
إخراج : أليخاندرو غوانزاليس
إينياريتو (2006)
منذ ثلاثة أعوام فكّرت أن أضع قائمة لأفضل 100 فيلم في الألفيّة ،
وبغض النظر عن مدي التقدًّم فيها الي الآن ، اتذكّر ان هُناك ثلاثة مُخرجين لهم
ثلاثة أفلام في القائمَة ، كوينتن تارنتينو ، كلينت ايستوود واليخاندرو جونزاليس ايناريتو .
يحكي الفيلم الثالث في مسيرَة ايناريتو أربع قصص ، القصّة تسير جوار الأخرى في مسارات
متوازية تتدَاخل كثيراً ، تبدأ القصة الأولي في عائلة فقيرة تعتمد علي رعي الأغنام
في قوتها اليومي وتعيش في الصحراء ، يشتري الأب بندقيّة صيد للدفاع عن قطيعه لكن
ولديه يستخدمان السلاح في اصابة سائحَة أثناء تحدّي في دقّة التصويب ، القصّة
الثانية عن زوجين أمريكيين ذهبا الي المغرب للسيَاحة ، تُصاب الزوجَة بطلقة ناريّة
من أحد اولاد عائل الأسرة السابقة ، القصّة الثالثة تحكي قصّة خادمة مكسيكيّة -
تعمل في منزل العائلة الأمريكية التي ذهب أبواها في رحلة للمغرب - تذهب الي المكسيك لحضور
حفل زفاف ابنها وتأخذ معها الطفلين دون علم الوالدين وتقع في مشاكل كثيرة ، القصّة
الرابعَة لفتاة يابانيّة تملك طاقة حُب كبيرة لكنّها تُكبَت لأنها صماء ولم يُعجب
بها أحد ، فتُخرجها علي هيئة ثورة جنسيّة لا تسيطر عليها
.
على صعيد النص ، يتحدّث الفيلم - وعبر قصصه المُختلفة - عن أشخاص تُعاني
من مُفاجآت الواقع ، ذوات تجمعها الخيبة والانكسَار وضربات الأقدار ، شيء يجعلهم
كالفرائس تبحث عن النجَاة دون النظر لأي شيء ، صورَة بائسَة حقيقيّة جداً للعَالم
الآن ، تتّسع مسافاته لكن مأساته تجمع الكُل في حُجرة واحدة مُظلمة هي المصير
المُشترك ، الخوف والحَذر هما
المُحرّكان الرئيسيّان للأحداث ، مثلاً لولا خوف الارهَاب لما صَارت مُطاردة
الجنود المغربيين للجُناة بهذه الوحشيّة ، نفس الأمر في قصّة الخادمة المكسيكيّة
العجوز ، كذلك الفتاة اليابانيّة التي يخاف منها مُجتمعها كُلّه وأجبرها علي العيش
في عُزلة و كَبت أثر عليها سلباً فيما بعد ، جييرمو ارياجا يستخلص
مُعَاناة البشر كلّها في مُحرك احداثه الرئيسي .
علي صعيد الاخراج تبرز قُدرة ايناريتو المُعتادة علي تحويل نصوص مُعقّدة مُتداخلة سردياً
الي صورة بصريّة انسانيّة لا يتوه معها المُشاهد ولا يتابع خطاً واحداً ويُهمل
الآخر ، هذا السرد المُتشابك يلغي الفوارق الزمنيّة والمكانيّة ويجعَل الأحداث
بدايات / نهايات لأحداثٍ أخرى ، وهذا ليست المرّة الأولى للرجُل ، فعلها قبل ذلك
في فيلميه السابقين ، لكن طريقته هُنا تجعل الفيلم أكثر حيوية عن سابقيه لإختلاف
جُغرافيّة الحدث وتفتح له الطريق في اختلاف أسلوب العرض طبقاً لكُل قصّة ، في
صحراء المَغرب التزم فيه ببيئة الحدَث بدون بهرَجة بصريّة أو موسيقي
مُزعجة ، هذا علي العكس من قصّة الفتاة اليابانيّة التي ترك فيها الكاميرا علي
حُريّة واهتم جيداً بالألوَان والموسيقي المُناسبة .
0 التعليقات :
إرسال تعليق