كتب : مصطفى فلاح
التقييم : 3.5/5
بطولة : غونغ لي ، شن
داومينغ
إخراج : جانغ يمو (2014)
ليس غريباً أن كل من يعمل في مجال الفن سيجد في الحكايات التي يرويها زانغ ييمو -
أحد أبرز مؤسسي جيل السينما الخامس و أكثرهم تأثيراً , و منها هذا الفلم المعنون
بأسم مُغاير لأقتباسه رواية (غلينغ يان) أخرى, كما هو حال سابقه المُمتدح The Flowers of War - شيئاً ملهماً له ، العمل يمثل عودة الماستر الصيني , في منتصف عقده
السادس , لأصول ما يُجيد التحدث عنه قبل فترة التّلون الصنفي منذ مطلع الألفية
الحالية ؛ قد يبدو كونه (العمل) هرم السن , لكنه يمتلك الكثير من روح ييمو الفتية
الثائرة و نهجها الخافت في الإقتصاص من العقد الماوي )نسبة الى ماو زيدونغ)
الأحمر !
يمكننا القول أن الفلم يبتدأ حيث أنتهى عقد عائلة (فوغوي) الثالث
في رائعته To Live ، أي الفترة اللاحقة للإنقلاب الثقافي في صين منتصف الستينية / السبعينية
و أثرها , كما جاء على لسان ييمو في الرائعة المذكورة , "لم تترك عائلة غير
متضررة في الصين المليارية" ، عن تلك الزوجة التي انتظرت عودة زوجها
الحبيس مطولاً , حتى فارقتها صورته و أصبحت جزء من ماضٍ أندثر , لكنها ما زالت
تنتظر عودته حتى بعد أن عاد ! ، هدف الفلم أبعد من حدود المثلث الذي يرسمه (الزوج ,
الزوجة ،الأبنة) , يحمل سر الوصفة
التي تجمع بين مرارة طعم الفراق و شقاء اللُقى بعد غياب , عن علاقات انسانية
شوهتها الثورة و صلات عائلية أحرقتها في أفران أهدافها المشوهة .
الفلم يمثل أيضاً عودة ألتحاق ييمو بنجمته الأثيرة غونغ لي , أحد أبرز ثنائيات السينما الصينية , ليروي قصة يجب
أن تروى بالشكل الدرامي الذي رواها به , أن يضيق عليك جدران الغرفة كي لا تستطيع
الفرار و يضطرك مُشاركة بطلي العمل سجنهما الوجودي للأبد ؛ الإختيار المدروس
لكادرات الصورة و التوظيف المثالي لمحيطها يُضفي نعومة صادقة و عاطفة مُكتسبة
تُقلص من تراجيدية الحبكة و تجعل من تعاطفك معها أمر مفروغ منه .
مع وصف البعض لجيل السينما الرابع بالمُتضرر الأكبر من الثورة , و
وصفهم أعمالهم بكونها أكثر انسانية و نفاذاً الى روح الطبقة المُعاصرة للحقبة ؛ ألّا
أن الرابط الخفي الذي يجمعه ييمو و كايجي - أباطرة الجيل الخامس - بين واقع بلاد غريبة عنك و
مراحل تاريخها المُختلف بقص الشريط الذي ينهي حقبة ليبتدئ بأخرى , بين سلخ جلد و ارتداء
آخر , و بين ضمان أيدلوجية الصناعة و رؤية الصانع , جعلت من أعمالهم أكثر قدرة على
وصل الداخل بالخارج ، روح الأنسان بالكون الذي يُحيط به !
0 التعليقات :
إرسال تعليق