الأحد، 17 أغسطس 2014

After the Wedding

كتبت : فاطمة توفيق

التقييم : 3/5

بطولة : مادس ميكلسن ، سيسه بيبد كنوسن
إخراج : سوزان بير (2006)

لا تكف سوزان بيير عن دفع شخصيات أفلامها بكل مشاكلهم ونفسياتهم المعقدة إلى حافة الهاوية ، تضعهم على المحك ولا تترك لهم سوى خيارين ، إما تجاهل مبادئهم والتصرف بناءً على طبيعتهم البشرية الضعيفة ومشاعرهم ، أو اختيار مبادئهم بغض النظر عن أي شيء آخر.

كنت شاهدت لنفس المخرجة من قبل فيلم In a Better World و وجدته فيلماً جيداً جداً ، فهي تهتم بالطريقة التي تبني بها شخصياتها بشكل ممتاز (حيث أنها المؤلفة والمخرجة للفيلمين) كما تهتم بصنع حبكة مليئة بالتفاصيل الإنسانية ، كما أن الفيلم على مستوى الصورة مبهر ، وكذلك خلفيته الموسيقية ، إلا أنك قد تجد بعض الفتور و البطء ربما تتعمده هي لنقل الحالة كاملة .

الفيلم هنا After the Wedding يشبه  In a Better Worldكثيراً ، ليس فقط فيما ذكرته من عناصر سينمائية و إنما في تشابه ظروف و حياة شخصياته ، في الفيلمين نجد الشخص الدنماركي المتطوع في البلاد الفقيرة (الهند / افريقيا) ، نجد المشاكل والتعقيدات في العلاقات الزوجية وتأثيرها على الأبناء ربما هي مهتمة بالقضيتين بشكل خاص ، وربما تهتم أيضاً بأن تُرِيَ المجتمع الدانماركي المرفه أنه في أجزاء أخرى من العالم توجد شعوب فقيرة جائعة ينقصها الكثير ، ويتضح ذلك بشدة في After the Wedding ، ففي بداية الفيلم وبعد أن نشاهد الهند الفقيرة الحارة المزدحمة ننتقل فجأة إلى الدانمارك الواسعة النظيفة المرتبة ، كما يتجلى ذلك أيضاً في شخصية (جاكوب) القادم من الهند وهو يتجول خلف موظفة الفندق في الجناح الفخم المخصص له ، وهو لا يعرف كيف يتعامل مع الأشياء فيه.

مشهدا البداية في الفيلمين متطابقان ، وهو الرجل الغربي الأبيض الذي يركب في شاحنة تسير بسرعة ويجري خلفها مئات من الأطفال الفقراء ، في الحقيقة عندما شاهدت المشهد في  In a Better Worldاستفزني ووجدته عنصرياً ، إلا أنني عندما شاهدته هنا مرة أخرى فكرت أن المخرجة ربما تريد أن تبرز مدى هيمنة العالم الغربي - بالذات اقتصادياً - على العالم كله ، والتي تدفع بمئات من البشر للركض وراء شخص واحد للحصول على لقمة أو لعبة.

أعود إلى الفيلم هنا وكما قلت هو يبدأ بإبراز التناقض الواضح بين البلدين (الهند و الدنمارك) ثم يتسلل ببطء إلى الحياة الشخصية لأبطاله بشكل أحياناً لا تفهمه ، ثم وبعد مرور 70 دقيقة من الفيلم يكتنفها الكثير من مواطن القوة والضعف سنفهم لماذا وضعت المخرجة هذه الخيوط منذ البداية ، وكيف ستضع شخصياتها في مفترق طرق وتجعلك تحتار معهم وتفكر من منهم يستحق تعاطفك ومن منهم لا ؟ ، كما أنها برعت في صنع شخصياتها هنا وجعلت من كل منهم تركيبة انسانية طبيعية بكل ما فيها من تعقيد وتناقض.

ينتهي الفيلم بنهاية وجدتها ضعيفة مقارنة بباقي الفيلم ، وأحسست أن المخرجة تحاول أن تسلك طريقاً آمناً ولا يكون فيلمها معقداً حتى نهايته فلا تخسر الجمهور الذي يشاهد السينما ليستمتع فقط ، كما وجدت أن نقطة ارتكاز الفيلم وقوته لم تعتمد فقط على حبكته وتعقيد شخصياته ، وإنما اعتمدت بشكل أساسي وقوي على أداء الممثلين فيه والذي كان مبهراً بدون استثناء أحد منهم تقريباً ، في النهاية أعتقد انه يقف في منطقة وسط ما بين الأفلام الهوليوودية بحبكاتها المتقنة والمشوقة والأفلام الأوروبية بتركيزها على التفاصيل الانسانية ، كما يشوب الفيلم شيءٌ من طابع وثائقي يظهر خصوصاً في المشاهد التي صوّرت في الهند .

0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter