كتب : محمد السجيني
التقييم : 5/5
بطولة : غراجينا شابولوفسكا ، أولاف
لوباشينكو
إخراج : كشيشتوف كيشلوفسكي (1988)
اعادة لا أعرف رقمها لتُحفة كيشلوفيسكي ، المأخوذة من الوصيّة السادسة من سلسلة أفلام The Decalogue ، التي تحكي قصّة شاب في التاسعة عشر من عمره اسمه (توميك) يعيش
يتيماً في بيت جدته ، يعمل في مكتب البريد ويواظب على مراقبة رسّامة اسمها (ماجدا) عبر
منظاره من شقته المطلة على شقتها ، المرأة لا تحتشم بشيء من جسدها ، طبعاً دون
علمها بمراقبة الفتي لها ، أو تدخُّلًه بحياتها عبر الهاتف وصندوق بريدها .
يبحث الفيلم - وبكُل الشاعريّة المُمكن تواجدها في عَمَل سينمائي -
كيف يتحوَّل الحُب إلى ألم وهَم ، إلى حزن وأسَى ، فتذوي السعادة في حَرَم اللوعة
، وتبدو الحياة مستحيلة حينها ، فيصبُح كل شيء معلّقاً ويبدُو المستقبل بلا هويّة
أو طُمُوح ، بلا آمال أو تطلُّعات ، هي فقط ، ولا شيء غيرها .
كيشلوفيسكي هُنا يٌقدّم درساً
بليغًا في كيفيّة الحُب والمُحافظة عليه قبل فوَات الآوان ، ويُقدِّم نقداً بالغ
الرقّة للتضييق علي مفهُوم الحُب الذي يَرَاه المُجتمَع المَادي على أنّه هو تلك
العلاقة الجنسيّة وفقط ، حتى أن الغرب يطلق على تلك العلاقة "ممارسة الحب"
، وهكذا فقد تحول الحب بكل ما يحمله من معاني راقية وأحاسيس ومشاعر إلى مجرد علاقة
تنتهي بانتهاء المُمارسَة الجنسيّة ، واختيار البطلة اكبر من البطل امر يُعطى
مدلولاً كبيراً عن حَجم الحُب وصدقه
.
احُب كيشلوفيسكي في جُزئيّة عظيمة ، هذا الرجُل - مع تاركوفيسكي و ماليك و انجيوبوليس -
يعرف جيّداً كيف يوظّف الصورة كالكائن الأكبر في عمله ، الرجُل كعادته لا يهتم
بالحَبكة ولا بالقصّة على الورق وانّما يعتمد على الصورة التي تنطق بصمت ، بدون
حوارات ، تسير ببطء ، تأخذ راحتها في اختراق الشخصيّات ، تراقبهُم بصمت ، تنظر في
أوجههم وتعابيرهم وتفاعلاتهم بصمت وتفضحهم في صمت .
كيشلوفيسكي يُلخّص الكثير في
مشهد اعتراف توميك لها بحُبّه ، وأنه لا يَعرفُ ماذا يُريد من هذا الحب , لا تقتنع
المراة وتُريد أثبات أن الحُب والجنس شيء واحد ، بل انّ الحُب نوع من أنواع العجز ،
يلخّص في شخصيّة توميك نمُوذجاً للبَرَاءة فى هَذا العَالَم الغريب الذى لا
تُحْتَرَم وتقدَّر فيه المَشَاعِر والعَوَاطف .
هو فيلم عَن هذه الشَعرة التي تفصِلُ بين الحُب والهوس ، بين العِشق
والمَرَض ، شعرة على حافة المُنحدر تفصل بين الثبات والانحدار ، بين الوقوف
والسقوط ، في كُل مَرّة اشاهد هذا الفيلم اتأكّد انه يجرى داخل الروح ، يُحلّق
وينطلق بعيداً ، هَذا فيلم يُعاش يوميّاً .
0 التعليقات :
إرسال تعليق