كتب : مصطفى فلاح
التقييم : 3.5/5
بطولة : جيك جيلنهال ، ميلاني لوران
إخراج : ديني فيلينوف (2014)
الشيء الذي احسسته مع
فلم فيلينوف الأخير هو تماماً ذات نفس الشعور الذي وصلني بعد
مشاهدة بعض من أعمال ديفيد كرونينبيرج أو ديفيد فينشر المُبكرة , تلك التي تجمع الواقع بالخيال , يمكن
وصفه كالتالي (قابل للتصديق بمجمل مفاجآته و أحداثه الغريبة جداً) ! .
قليل ممن أستطاعوا
زرع هذا الشيء في داخلي على مر السنين , خاصة مع مُخرج ذو خيال خصب و ستايل سردي
مُميز كحال المُخرج الكندي الذي أثبت قُدرته في أعمال سابقة , المرشح الأوسكاري Incendies
و Prisoners
الذي شكل تذكرة دخوله أرض
الأنتاج السينمائي (هوليوود) قبل أقل من العام .
فيلينوف هنا يخلق مدينة
زومبي , أحياء اموات , بسُحب داكنة , صورة غُبارية , و كاميرا تحوم في سماء
المدينة , تراقب النوافذ المُظلمة دون دخولها , توحي و كأن البشر أنقرضوا و لم
يتبق منهم غير أثنان ، على شاكلة بعض ! .
بعد مُرور نصف ساعة
من فلم لا يبلغ الساعة و النصف , أصبح الأمر مُقلقاً , دفعني بالشك لأسباب أقتباس
الرواية , فلا وجود لأرضية سردية , الشخصيات لا تتحدث , لا تفرض أنفسها علينا ؛ لا
نعرف سبباً لهذا البؤس الذي يُحيط بها حتى .. بدا الأمر و كأن السيناريست همس
بفكرة عارضة في أذن المُخرج الذي وظّف بدوره كل شيء خطئاً .. للخروج بنتيجة صحيحة!
لم أكتب عن فلمه
السابق و لكن قناعتي هي نفسها , التأني المُجهد الذي يفرضه المُخرج في إستدرار
الحدث لا لإبراز نقطة بل لإستثارة الأحاسيس في ما يحدث فعلاّ , ما يمكن أن يحدث ,
و ما نتمنى أن يحدث , و مع فيلينوف أكثر خبرة و مهارة في التعامل مع الكاميرا , نجد
أنفسنا وسط أجواء من الترقب و القلق المُستمر , و نحن نتماثل (بتأثيره المغناطيسي)
مع شخصية البطل الفرد , الوحيد , الذي يجد نفسه تدريجياً متورطاً في بحث يقوده
للوقوع في براثن شبكة معقدة من التساؤلات التي لا تُفضي لأجوبة ، يتمكن فيلينوف و
ممثله النزق جايك جيلينهول من توفير جو خاص يجبرنا على قبول مادة الفيلم
دون أن نتفهمها , فهي لا تشبه الأحلام بل هي استثارة لحالة من التفكير الحالم ،
هذه الشخصيات التي نطالعها لا تهرع للوصول إلى خاتمة الحبكة , بل تفعل كل شيء إستناداً
على خلفيتها في التفكير و التدبير ؛ وسط حالة من فوضى الحواس , يُثبت الأول بأن
"الفوضى .. نظام غير مُشفر" ، مهما كان ما يعنيه!
0 التعليقات :
إرسال تعليق