كتب : فراس محمد
التقييم : 4/5
بطولة : يانغ كواي مي ، يانغ باي
ينغ
إخراج : تساي مينغ ليانغ (1998)
ما خارج الموضوع هو الشيء المثير مجددا في فلم المخرج التايواني (الذي
لا افهم للمرة الرابعة) كيف يورط مشاهديه بعزلة شخصياته , وكيف تبدو هذه العزلة وما
فيها من روتين شيء مثير فعلا للإهتمام والمشاهدة , رغم ان اغلب المشاهد يبدو انه لا
يجري فيها الكثير ، تتكرر بشكل روتيني كما قال المخرج الاميركي مونتي هيلمان عن فلمه
الاخير المتوج في فينيسيا (شخصيته الرئيسية تأكل السباكيتي
, ثم تذهب , ثم تعود , ثم تأكل السباكيتي , تذهب , تعود , تأكل البطيخ)
, مشاهد لا يحدث فيها تقريباً شيء , لكن مع ذلك , صدق هذه العزلة (المفروضة) هذه
المرة وممثليه الذي دوماً يستخدمهم , من النادر ان يغير مينغ ممثليه , تجعل الفكرة
حيوية أكثر مما تبدو .
قدم تساي مينغ هذا الفلم تكريماً لمغنية تايوانية كانت مشهورة في ستينات
القرن الماضي , و أغانيها التي تبدو وكأنها لأودري هيبورن في فلم
ميوزيكال ستيني (لكن تايواني) تحولت لكلاسيكيات حيث يُنهي فلمه بالجملة التالية :
We are grateful that we still have
Grace Chang's songs to comfort us
وبشكل غريب وغير متوقع في الفلم ، يضع اغانيها على شكل فيديو كليبس ، وهو
لم يضعها اعتباطاً ، فكل اغنية من تلك الاغاني تعبر عن الخط البياني للعلاقة التي قدمها
بين بطليه ، ومع كل اغنية تزداد ملامح العلاقة بالوضوح , والبطلين بالغرق فيها ، وما
جعل العلاقة مميزة هي غرابتها ، هذه من أغرب العلاقات الرومانسية التي من الممكن ان
تشاهدها في السينما ، فقبل سبع ايام على الدخول بعام 2000 (وهي في المستقبل باعتبار
ان الفلم من انتاج 1998) ، هناك فايروس يجتاح مدينة تايوانية ، اغلب سكانها نزحوا او
هاجروا ، وشركة الماء تحذر من انها ستوقف تزويد المدينة بالماء ، وهناك غضب عارم تجاه
تصرفات الحكومة في منع انتشار الفايروس ، ولكن بطلي تساي منيغ بقيا حيث هما
، الرجل في الطابق العلوي , والفتاة في الطابق السفلي ، يأتي عامل تصليحات في احد الايام
، ويحفر حفرة في ارضية الطابق العلوي ، ويتركها ، وتبدأ من هذه الحفرة بملاحظة كل من
بطلي القصة بعضهما البعض .
ما يعجبني في افلام هذا المخرج ، هي التفاصيل التي يكررها دوماً في افلامه
، بشكل تثير كوميديا غريبة , تجد نفسك تبتسم وتضحك في مشاهد غير مضحكة , أو لا تحوي
كوميديا ، ولكن تكرارها بشكل عفوي يجعلها مثيرة للسخرية ، في كل افلامه , هناك منزل
غارق بالمياه , في كل افلامه هناك مطر غزير لا يستطيع سكان المكان التعامل معه ، غالبا
يسبب كارثة , وفلمه هذا هو أكثر افلامه رطوبة ، الماس هو البطل الرئيسي هنا ، يخترق
ورق الجدران , يهطل دون توقف في الخارج , هناك تسرب في السقوف , وبعض التفاصيل التي
لا يستطيع سوى مخرج يفهم معنى الفعل ورد الفعل في جو بارد وكئيب ومعزول ان يقدمها ،
وهذا ما كرره في The River وفي Rebels of the Neon God وفي فلم Vive L'Amour ، وهذا ما أعتقد سيكرره في كل افلامه , وهذا ما جعلني مستعدا لمشاهدتها
جميعاً ، وهذا ما يجعل تساي مينغ مخرج غير توافقي ، إذا شاهدت اول ساعة من فلمه ، لن تتوقف
حتى تشاهد كل افلامه ، أما إن لم تستطع إكمالها فلن تتمكن من مشاهدة فلم آخر له .
0 التعليقات :
إرسال تعليق