كتب : مصطفى فلاح
التقييم : 4/5
بطولة : جيسي إيزنبيرغ ، ميا
فاشيكوفسكا
إخراج : ريتشارد آيوادي (2014)
فلم المُخرج أوادي الثاني , بعد Submarine الذي
تنبأ له بالنجاح , هو أشبه بسماع نكتة قديمة بأسلوب جديد يوحي و كأنك تسمعها لأول
مرة ! ، هذا الفلم يُعيد الإنتماء الى سينما التفاصيل الصغيرة , تلك التي تكتفي
بمُفردات الصورة في التعبير عن حال شخوصها , الكاميرا فيها تُحدق في الشخصيات (كلوز آب) ,
نادراً ما تتحرك على راحتها في المُحيط , تبدو مُختنقة في الفضاء المحدود جداً
للغرفة , تستغل المكونات العادية أو الأقل من العادية فيها : حوض , مرحاض عتيق ,
أريكة مُتهالكة , جهاز إستنساخ بدائي عملاق ، لتصنع منها كوميديا خبيثة تجعلك تسخر
مثلاً من شاب يائس , رجل قرر الإنتحار , و إمرأة على شفير هذا الفعل !
المُخرج يصنع بيئة داعمة لعمله الغرائبي هذا , يُعطي دور البطولة لكل شيء
مضاد : الظل أكثر من الضوء , الإستخدام اللامتراكز للموسيقى , العلاقة المُتناقضة
بين اللقطات فالأساس هنا أن نرى الإنسان , كيف يعاني من الرتابة و يتألم من
تكرارها , كيف يهمس لذاته بدلاً من أن يتكلم , يرقد قليلاً ثم يستيقظ لكي ينغمس في
مُلاحقة الفتاة من منظاره الكبير بدلاً من أن يلقي عليها التحية , يشكو حاله و
يرثوها من الإستهتار الذي يصل به إلى مرحلة سريالية تماماً غير أنه لا يحيد قيد
أنملة عن الواقع ! ، هذا الأساس كاف جداً في جعل المُشاهد الكائن الوحيد المُستغرب
من تواجد توأمين على شاكلة بعض ، على سبيل المثال!
الإقتباس الديستوفسكي لا يُلغي تأثر المُخرج بخلط الأساليب السينمائية
كالكوميديا , الدراما النفسية , الفلم الرومانسي , و سواها بل يحفزه على الإنتقال
الحُر بينها و يجرده من قيود الخضوع للشكل الأوحد للصنف ، و هو بهذا المعنى يُعد
أيضاً عملاً (تجريبياً) على نحو ما , يصور دراما تدور في محيط محدد و من
خلال شخصيات محددة , لكنه يعتمد نوارية متعددة الرؤوس لها جمالياتها وإيقاعها
الخاص!
أوجه الشبه بين إخراج هذا السينمائي الإنكليزي و بين (كروننبيرج أو لينش) مثلاً ,
لا يكمن في أن ما يعرضه حقيقي , بل كونه يعرف كيف يجعل المشاهد يعايشه على نحو
حقيقي , و هذا فارق كبير للغاية و كفيل بالقضاء على الإفتعال في المواقف من دون
التخلّـي عن المشاعر و تصوير ما تمر به الشخصيات من مواقف دقيقة ، و هنا الشبه
كبير جداً !
0 التعليقات :
إرسال تعليق