كتب : أحمد أبو السعود
التقييم : 5/5
بطولة : روي شايدر ، روبرت شو ، ريتشارد درايفس
إخراج : ستيفن سبيلبيرغ (1975)
فلنشكر السير ألفريد هيتشكوك أولاً و أخيراً قبل أي حديث عن الفيلم .
المتأمل في مسيرة المخرج الكبير ستيفن سبيلبيرج
حتماً ستصيبه دهشة مفهوم أسبابها جيداً ، فما يقدمه الآن من أفلام لا يضاهي و لو بمقدار
ضئيل الطموح العظيم الذى بدأ به مشواره ، لن أسترسل كثيراً فى الأسباب لكن سبيلبيرج يحقق
هنا إنجازاً إخراجياً فريداً من نوعه و هو فقط فى الثامنة و العشرين من عمره ، إنجازاً
استحق عن جدارة أن يوضع جنباُ إلى جنب مع الثورة التي أحدثها سكورسيزى في Taxi Driver و كوبولا في The Godfather لتتشكل ملامح جيلٍ سينمائيٍ غيّر من خريطة السينما في العالم أجمع .
سبيلبيرج هنا هو بطل الفيلم
الأول و الأخير ، يصنع إثارة من الطراز الرفيع ، يرسم منحنيات تلك الإثارة صعوداُ و
هبوطاُ لخلق الجو الملائم لنزع التأثير الذي يريد من الجمهور ، هناك مائة طريقة لذلك
لكن سبيلبيرج يختار الطريقة التي تجعل من ذلك التأثير دائم و غير قابل
للخفوت ، يبدأ الفيلم بمشهد قصير من تحت الماء مصحوباُ بالتيمة الموسيقية العظيمة لجون ويليامز ،
يرسم أولاً و قبل أي شيء البيئة أو الوسيط الذى سينطلق منه و فيه كل الفزع و الرعب
الذي سنعيشه على مدار ساعتين ، لدينا هنا قدرة رائعة على جعل الأحداث تتمحور بالكامل
حول ذلك الوسيط للدرجة التي تجعل النصف الثاني من الفيلم بالكامل في وسط المحيط ، مع
ثلاث شخصيات يشكل المحيط جزءً ما من تاريخهم و هو ارتباط له علاقة وثيقة بالخوف ، الفزع
الذي يبثه سبيلبيرج على الشاشة ليس مقتصراً فقط على إحداث نوع ما من الخضة
، هو يواجه شخصياته أولاُ بكل ما يحملونه داخلهم من مخاوف و يواجهنا نحن كجمهور بما
هو مفُزع فعلاً من مجرد التفكير في احتمالية حدوثه ، بعد مشهد الماء القصير يواجهنا
سبيلبيرج مباشرة بالفكرة المفزعة ؛ مجموعة من المصيفين يواجهون
خطراً قاتلاً لا يُفرّق بين شابة جميلة أو طفلٍ صغير .
تلك المواجهة المفزعة التي يقدمها سبيلبيرج هنا هي
ما أكسبت هذا الفيلم ذلك التأثير العظيم الذى يُحدثه مع كل مشاهدة ، و الأهم أن سبيلبيرج يشحن
كل أدواته لخلق الإيقاع المثالي لمثل تلك الحالة ، يجعل من القرش بطلاً أساسياً فى
الأحداث ، يعطيه هالة مخيفة فعلاً من ترقب ظهوره و رؤيته على الشاشة على مدار ساعة
كاملة لا نرى فيها إلا الرعب الذى يصاحب ظهوره وسط المصيفين ، في المشهد الذى يراقب
فيه برودي الشاطىء منتظراً ظهور القرش ، يختار سبيلبيرج زوايا
تصوير و حجم كادرات تعبر عن كم الرعب الذى يترقبه بردوي و يخاف من احتمالية
حدوثه ، إذن هذا هو الجزء الأول من الإثارة التي يصنعها سبيلبيرج ثم يأتي الجزء
الثانى الذى ينتظره عشاق تلك النوعية من الأفلام عندما يهاجم القرش فعلاً لكن من يختاره
سبيلبيرج ليكون ضحية القرش ؟ ، مجرد طفل صغير يصبغ دمه الماء باللون
الأحمر المُفزع ، الإثارة فى الفيلم خطيرة و مفُزعة حقاً يرسم لها السيناريو شخصيات
و بيئة تسمح للخطر أن يجوب فيها بكل ضراوة و يأتي سبيلبيرج بالمونتاج و
التصوير و الموسيقى لينتزع من الجمهور الرعب و الفزع انتزاعاً كما فعل من قبل العملاق
هيتشكوك فى مشهد الحمام الشهير فى فيلمه الأعظم Psycho .
0 التعليقات :
إرسال تعليق