كتب : فراس محمد
التقييم : 4/5
بطولة : تشيتشي وانغ ، باي شيويه ،
تشانغ ليو
إخراج : تشن كايغو (1984)
كيف تحفظ كل هذه
الاغاني
عندما تصبح الحياة
صعبة , ستتذكرهم
هذا الفلم يمثل بدايات الجيل الخامس للسينما الصينية , ضم اثنان من اكثر مخرجيها موهبة وشهرة فيما بعد , صاحبي – Farewell My Concubine و Raise the Red Lantern – كيج تشين مخرجاً للفلم و زانغ ييمو مديرا للتصوير , نال الاثنين بعد هذا الفلم نصيبا وافرا من الذهب , سعف و دبب و أسود في مهرجانات اوروبا الكبرى .
لجأ الفلم لذات الاسلوب الذي لجأ له زانغ ييمو في فلم Raise the Red
Lantern , وذلك باستخدام رمزي ومتقن
للصور وللتراكيب البصرية وذلك بالاعتماد على قصة جرت في ثلاثينيات القرن الماضي في
قرية شمالي الصين , قرية محكومة بالفقر
والجفاف والتخلف , حيث أرسلت حكومة الجنوب
جنوداً لهذه القرى ليقوموا بتدوين أغانيهم الشعبية , في الفترة التي كان تتحضر فيها الصين للتوحد من
أجل مجابهة الاحتلال الياباني , طلب منهم
جمعها كي تساعد في شحذ همم الجيش الصيني و لتساعد في الانضمام لجيش التحرير ذاك .
بدت هذه القرية الشمالية أشبه بسجن كبير جاف , يزوّجون فيه الفتيات في سن الرابعة عشرة بحجة أن
ذلك هو النصيب , و يغنون في مواسم الجفاف
والحصاد , ألماً وقهراً , كان الشماليون يلجؤون لهذه الأغاني كي تنسيهم
شيئاً من معاناتهم , بينما في الجنوب كانت
هناك بذرة حكومة شيوعية متحضرة آخذة بالنمو , الجندي الجنوبي , أتى للقرية
الشمالية حاملاً معه أنباء تطور الجنوب , و تحضّره , مما حز في نفس ابنة فلاح
, التي على وشك الزواج بعد أن ساعد مهرها
في ترميم شيء من حياة عائلتها الفقيرة ,
ما حز في نفسها , أن الجنوبيين ,
وخصوصاً بناتهم , يتعلمون القراءة
والكتابة , فتحول الجنوب الشيوعي المزدهر الذي لم يكن الشمال ضمن لائحة اولوياته
, لحلم ,
أو بالأحرى لسراب ضمن مناخ صحراوي لقرى الشمال .
تشين , قدم هذه الفتاة
بشكل أو بآخر كمحور أساسي في فلمه , الفتاة التي تجيد الغناء , والتي ستُستعمل أغانيها لشحذ همم الجنوب القوي
والمزدهر , وإن لم يكن كذلك في حقيقة
الامر , تشين بدا وكأنه يضع
مقاربة غريبة ما بين قدرة الشماليين على مواساة أنفسهم بالأغاني الشعبية التي
يؤلفون , وما بين استغلال شيوعيي الجنوب لهذه الميزة التي يلجأ لها الشماليين كآخر
الحلول للهرب من الواقع , هو استغلال
القوي حتى لضعف الضعيف , في نفس الوقت كان
يعمل على محور اكثر اهمية , تشين لم يكن
يروج لشيوعية الجنوب وازدهاره , فقد بدا
جفاف الشمال لا يقل قسوة عن جفاف الجنوب ,
ولكن السراب التي تتبعه هذه الفتاة الشمالية كحلم ما هو إلا نفس السراب
الذي يراه الجنوب ازدهاراً , فوعود
الازدهار بدت سخيفة مع ازدياد الجفاف , ومع
لجوء الشماليين للصلاة , يبدو أن الجنوبيين اتجهوا بفعل شحذ الهمم التي نتجت عن ما
حفظوا من أغاني , نحو الحرب .
الاسلوب الذي استخدم فيه تشين الرمز بدا لي غاية في الابداع , استخدام لا تستطيع إلا هذه النوعية من السينمات
استخدامه , فالجندي الشيوعي بدا للشماليين
و كأنه المسيح المخلص , بينما كان الجفاف
يزداد مساحة , ويزيد من معاناتهم .
اعتقد ان السينما الايرانية استفادت نوعاً ما من هذه البداية المبهرة
لتيار الجيل الخامس , تستطيع أن تلمس
تشابهاً كبيراً وخصوصاً على الصعيد البصري بين هذا الفلم وبدايات كيروستامي و بناهي و مجيدي في ايران .
لا عجب ان توهجت السينما الصينية بعد هذا الفلم , ولا عجب ان نالت ما نالته من عقاب .
0 التعليقات :
إرسال تعليق