كتب : محمد السجيني
التقييم : 4.5/5
بطولة : توني سيرفيلو ، كارلو فيردوني ، سابرينا فيريلي
إخراج : باولو سورنتينو (2013)
كاتب مشهور يُدعي جيب جامبارديلا
كتب رواية وحيدة وهو في العشرينَات ، لاقت نجاحاً كبيراً وصنعت له مجداً ، فأصبح
من رموز المهرجانات الادبيّة لكنّه تحول الي العمل الصحفي ، وبقيت هذه الرواية هي
آخر ما كتب ، لينغمس في الحياة الاجتماعيّة والحفلات الصاخبة ، وحين يُسأل عن سبب
توقّفه يقول ان مشاغل الحياة و روما شغلوا انتباهه تماماً فنراه مثلاً في
افتتاحيّة الفيلم يقول انّه لم يأت من نابولي الى رومَا لينضم الي
المُجتمع ، وانّما ليُصبح ملِكاً له .
في كُل مرّة اشاهد
فيها هذا الفيلم ، واشاهد جيب بعد أن يعلَم بوفاة اليشيا دي سانتي حبّه
الاول والاخير ، اتخيّله يعود الي غرفته وحيداً ويرثي نفسه ، وهو يعلم جيداً ان
كُل الفوضى في حياته ما هي الي محَاولة في الهروب ، حياة جيب هي سلسلة مُتتالية من
الهروب و التخليّات ، و لذا هجر الكتابة ، لكن الرجُل الآن وبعد خمسَة وستين عاماً
يسأل نفسه عمّا ضيّعه وما حققه ، يستيقظ في نهاية المطَاف علي حياة خارجة عن
ارادته ، يُدرك ان الوقت قد حان لمُواجهة الأمور ، الاسى والندَم والخسارة والموت .
احب هذا العمل كثيراً
، و اذكر انّي بعد مُشاهدتي الأولي له ظللت اياماً افكّر ، هل فكّر سورنتينو في
قالب فيلم فلليني العظيم اولاً ثم بنى عليها الفيلم ? أم العكس ? و في مُشاهدتي الثانية
قرّرت انه أمر غير مُهم ، المهم هو ان الرجُل فعلها ، نجح تماماً في تقديم رجُل و مآساته
مع الكثير من روما في الخلفيّة.
يُقدّم العمل
مفارقتين في مآساة جيب ، الرجُل نجح في كتابة رواية حققت له مكانة ، ثم فشل في
كتابة غيرها ، و أحب امرأة ثم فقدها ، و من يومها لم يجد حباً حقيقيّاً ، سورنتينو يوجّه تحيّة شديدة
للمُعلم الايطالي فلليني في تكويناته البصرية وفي كاميرا لا تتوقف عن الدوران
تحت ادارة لوكا بيجازي صاحب الـ 55 عاماً ، سورنتينو يجعل الفيلم
حيوي وقابل للمُشاهدة في انتقاله بالزمن وبموسيقي كلاسيكيّة عظيمة ، علي صعيد الاداء ، توني سيرفيللو
يفعَل كُل شيء ، يمتص كُل دواخل الشخصيّة ويُقدّمها في نظراته وابتسامته وضحكته
وطريقة حديثه ، ليُقدّم الآداء المُفضّل لي في 2013 .
الجمال العظيم هو رحلَة شخص في
ذاته وفي مدينته ، رحلَة في الفراغ والبحث عن السعادة المفقودة ، عن محاولة ايجَاد
معني للحياة امام لغز المَوت ، هو مرثيّة للفن المُزيَّف وللمظاهر الخادعَة وللروح
الانسانيّة النقيّة ونقد لصخب الحياة اليومي ، وبجانب هذا مرثيّة لروما في مقارنة
بين لوحاتها وكاتدرائياتها وبين عقول مُثقفي اليوم ، أولئك الذين يملكون (حياةً يُرثي لها)
، غير مُتأكّد من ثبات تقييمي للفيلم مع مُشاهداتٍ أخرى تالية ، لكني مُتأكّد من
ان مُشاهدتي الاولى له ستبقي في الذاكرة مهما تكرّرت ، ومُتيقّن من انّه سيبقي
واحداً من اقرب الأفلام الي قلبي .
0 التعليقات :
إرسال تعليق