كتب
: أحمد أبو السعود
التقييم
: 5/5
بطولة
: سيليا جونسن ، تريفور هوارد
إخراج
: ديفيد لين (1945)
ترى
لو كان أليك هو من كان يروى أحداث الفيلم بدلاً من لورا فهل كنا سنشاهد
زوجته و طفليه ؟! ، سؤال يبدو ساذجاً فى العموم لكني وجدت نفسي أطرحه في ذهني بعد
انتهائي من مشاهدة الفيلم ، لا يوجد إجابة للسؤال بالطبع و لم أشغل بالي كثيراً به
, الأمر كله مُتعلق بالروتينية التي بُنيت عليها واحدة من أعظم قصص الحب التي صورتها
السينما على الإطلاق .
لورا ربة منزل تعيش حياة أسرية سعيدة و روتينية ، تخصص لنفسها يوم الخميس من كل أسبوع لتذهب للتسوق و دخول السينما ؛ المتعة التي تتحول بعد ذلك أيضاً بفعل الفراغ و الوحدة إلى روتين يفُقدها تلك المتعة ، على نفس الجانب يعيش أليك نفس الحياة الأسرية الهادئة يقضى يوم الخميس أيضاً بعيداً عن أسرته في المستشفى الذى يعمل به ، يبدو واضحاً منذ بداية الفيلم طبيعة الصدف و ألاعيب القدر في الجمع بين الاثنين ، فظروف المكان و الزمان جمعتهما في تلك المحطة ، فلا يخرج الفيلم أبداً عن إطار يوم الخميس و لا عن نفس الأماكن التي اعتادوا الذهاب إليها قبل لقاءهما ، نفس التفاصيل تتكرر أسبوعياً و تطور العلاقة بين الاثنين يحدث بأبسط الطرق و أكثرها نضجاً و جمالاً ، فبعد حادثة مضحكة يعترف "أليك" لـ"لورا" بحبه لها ، لا يأخذ الاعتراف هنا شكله العاطفي المعروف بل يأتي كتصريح ضمن إطار عام بمعرفة استحالة ذلك الحب و صعوبة تبعاته ، و يأتي رد لورا بمبادلة هذا الحب معه و لكن أيضاً مُحملاً بنفس الفهم الواضح و القاسي للشكل الذى ستأخذه العلاقة بينهما فيما بعد ، فبالتالي لا يخضع الفيلم في النهاية لفكرة انتصار الحب على قسوة الظروف أو معاندة القدر ، هو يبتعد تماماً عن هذا المنحنى الميلودرامي و يتآلف طيلة أحداثه مع طبيعة الحياة و الروتينية التي فرضت نفسها على حياة الاثنين خصوصاً مع تأكيد الفيلم طوال أحداثه أن الاثنين يعيشون بالفعل حياة أسرية سعيدة و هادئة خارج إطار علاقتهما معاً و أن قصة الحب العظيمة تلك كانت بالأساس رد فعل غير متوقع للروتينية التي اكتنفت حياتهما الأسرية ، و كانت مسايرتهما لتلك العلاقة هي محاولة للخروج عن القالب المعيشي المعتاد لكن تطور الأمر بينهما إلى قصة حب عظيمة لم يستطيعا مقاومة الاستسلام لها .
لورا ربة منزل تعيش حياة أسرية سعيدة و روتينية ، تخصص لنفسها يوم الخميس من كل أسبوع لتذهب للتسوق و دخول السينما ؛ المتعة التي تتحول بعد ذلك أيضاً بفعل الفراغ و الوحدة إلى روتين يفُقدها تلك المتعة ، على نفس الجانب يعيش أليك نفس الحياة الأسرية الهادئة يقضى يوم الخميس أيضاً بعيداً عن أسرته في المستشفى الذى يعمل به ، يبدو واضحاً منذ بداية الفيلم طبيعة الصدف و ألاعيب القدر في الجمع بين الاثنين ، فظروف المكان و الزمان جمعتهما في تلك المحطة ، فلا يخرج الفيلم أبداً عن إطار يوم الخميس و لا عن نفس الأماكن التي اعتادوا الذهاب إليها قبل لقاءهما ، نفس التفاصيل تتكرر أسبوعياً و تطور العلاقة بين الاثنين يحدث بأبسط الطرق و أكثرها نضجاً و جمالاً ، فبعد حادثة مضحكة يعترف "أليك" لـ"لورا" بحبه لها ، لا يأخذ الاعتراف هنا شكله العاطفي المعروف بل يأتي كتصريح ضمن إطار عام بمعرفة استحالة ذلك الحب و صعوبة تبعاته ، و يأتي رد لورا بمبادلة هذا الحب معه و لكن أيضاً مُحملاً بنفس الفهم الواضح و القاسي للشكل الذى ستأخذه العلاقة بينهما فيما بعد ، فبالتالي لا يخضع الفيلم في النهاية لفكرة انتصار الحب على قسوة الظروف أو معاندة القدر ، هو يبتعد تماماً عن هذا المنحنى الميلودرامي و يتآلف طيلة أحداثه مع طبيعة الحياة و الروتينية التي فرضت نفسها على حياة الاثنين خصوصاً مع تأكيد الفيلم طوال أحداثه أن الاثنين يعيشون بالفعل حياة أسرية سعيدة و هادئة خارج إطار علاقتهما معاً و أن قصة الحب العظيمة تلك كانت بالأساس رد فعل غير متوقع للروتينية التي اكتنفت حياتهما الأسرية ، و كانت مسايرتهما لتلك العلاقة هي محاولة للخروج عن القالب المعيشي المعتاد لكن تطور الأمر بينهما إلى قصة حب عظيمة لم يستطيعا مقاومة الاستسلام لها .
لماذا كانت لورا إذن هي من تروى الأحداث ؟ يبدو أن ما بُنى عليه السيناريو "الصدف و ألاعيب القدر" متآلفٌ أكثر مع لورا كونها الشخص الذى سيبدأ في رواية الأحداث ، يبدأ الفيلم بمشهد عظيم ، تأخذنا الكاميرا إلى داخل استراحة في محطة قطار ، يدور حوار ما بين صاحبة الاستراحة و عامل في المحطة ، حوار روتيني عادى نسمع مثله كثيراً في مثل تلك الأماكن ، و بينما الحوار دائر تتحرك الكاميرا ناحية رجل و إمرأة جالسين على طاولة ما ، لا نعرف شيئاً عنهما و لا نسمع شيئاً مما يدور بينهما ، حتى الآن لا يوجد أي شيء مميز يحدث ، حتى تدخل إلى الاستراحة سيدة مزعجة ثرثارة ، هنا يحدث توتر ملحوظ على وجه المرأة التي نعرف من صراخ السيدة المزعجة أن اسمها لورا ، يستسلم السيناريو هنا طواعية لصدفة دخول تلك المرأة المزعجة إلى الاستراحة ، فمع ظهورها تنطلق الأحداث و تبدأ القصة في ظهور ملامحها ، يغادر أليك و تبقى لورا مع تلك السيدة المزعجة ، يظل السيناريو متماشياً مع سير الأحداث التي تبدو أنها تسير في مسار معلوم و واضح .
عظمة السيناريو أنه أولاً و منذ افتتاحيته الرائعة يوضح الدور القوي الذى لعبته الصدفة في بناء الأحداث فدخول تلك السيدة كان بمثابة تحريك المياه الراكدة ، فالصدف هنا هي ما شكلت تلك العلاقة أو بمعنى أصح هي ما منحتها الشرارة التي انطلقت منها قصة الحب العظيمة هذه ، ثانياً مسايرة السيناريو لتلك الصدفة التي حدثت في الافتتاحية هي ما منحت السيناريو شكلاً سردياً مميزاً و هي ما منحت الفرصة لنا كمشاهدين أن نشارك لورا اعترافها المُتخيل لزوجها بكل ما حدث ، تبدأ لورا الاعتراف و كأنها تعتذر لزوجها لأنها قد تسبب له ألماً هو لا يستحقه ، ثم مع مواصلة الحكي يبدو أنها تنسى إلى من تعترف إليه في مخيلتها فتظهر السعادة في نبرة صوتها و هي تحكى عن تفاصيل تطور العلاقة مثل أي إمرأة تعيش قصة حب مميزة و نادرة الحدوث ثم ما تلبث أن تتذكر فتعتذر ثانية لزوجها طالبة منه أن يسامحها ، الشكل التخيلي الذى أخذه الاعتراف هو ما أعطى للأحداث تدفقاً و حيوية كانت ستفقده لو تم سرد الأحداث بطريقة أخرى و هذا سبب ثالث يوضح قيمة هذا السيناريو .
على الجانب البصرى هناك استغلال أكثر من رائع لطبيعة الأماكن التي تدور فيها الأحداث ، هناك تداخل عظيم بين المونتاج و الصورة ؛ تداخل مُعبر تماماً عن طبيعة الاعتراف و سرد الأحداث ، فها هي لورا جالسة في منزلها تبدأ في الحكي و ها هي بداية القصة تبدأ في الظهور أمامها كأنما تتذكرها في لقطة مونتاجية خالدة ، عناصر الفيلم كلها من موسيقى و صورة و مونتاج تسير بإنسجام و سلاسة جميلة مع سرد الأحداث و خصوصية الرومانسية التي تقدمها مدعومين بالطبع بأداء انسجامي هائل بين بطلى الفيلم .
ديفيد لين ، صاحب لورانس العرب و مجموعة من الملاحم التاريخية الأخرى يقدم هنا أحد أعظم الرومانسيات التي شهدتها شاشة السينما بطريقة تجعلك تتشكك كيف كانت تلك هي بدايات هذا المخرج الملحمي العظيم ! .
0 التعليقات :
إرسال تعليق