كتب : مصطفى فلاح
التقييم : 3.5/5
بطولة : ماثيو آمالريك ، إيمانويل سينييه
إخراج : رومان بولانسكي (2013)
بولانسكي .. يُكرم سينماه !
حتى اليوم و مع دخول
العقد السادس من عمره الفني بوجود رموز ما زالت على قيد الحياة, أمثال فورمان , بيرتلوتشي , هيرتسوج , فندرز , و تورناتوري على
تقدير أقل , ما زلت أعتبر رومان بولانسكي أحد أبرز مُخرجي أوروبا المثيرين للفضول ممن طوعوا
سينماهم لخدمة أفكارهم , بطريقة سردهم , في كسر القالب الهوليوودي .. في هوليوود ! ، بالأبتكار
, التجديد , و اللغة التعبيرية الإيحائية التي يُجيدها , يرثو بولانسكي
رومانسية الحاضر المشوهة و هو يُثبت مرة أخرى أن العمل المسرحي ، لا يقتصر على
المسرح فقط !
مع عوامل صناعة
أحترافية و مُحترفيها , يتلاعب المخرج بأصول الزمان و المكان , و هو ينقل مسرح (أوف برودواي) الى
العاصمة الفرنسية ليروي قصته مع معشوقته (باريس) من جديد ، المخرج الذي عُرف عنه تخليه عن المُزاحمة ,
في أقتباساته المسرحية خاصة كـ Carnage
و Death
and the Maiden أو الأصيلة حتى كأنطلاقته العالمية Knife
in the Water، و تكثيف الضوء على
عالم شخصياته القليلة , يُقلص المعادلة حتى أقصائها هنا (إثنين) في رمزيته
المُعتادة لإختلال منظومة القيم و محتواها من خلال قصة قصيرة (لا تخلو من
الألتباس) تجمع البساطة بالتعقيد , الدراما بالطرافة , و الغزل بالأغواء ، و هو
يمهد لصراع يتصاعد و مفاجائاتٍ لا تنتهي مؤكداً أدراكه العميق لقيمة النص و حرارته
المسرحية.
أبرع ما في الفيلم
إطلاقاً , و ذروة سوداويته هي كوميديته اللاذعة و نحن نشاهد بولانسكي يسخر
من مهنته , مهنة المخرج و ما تمثله , بصورة توماس الذي يدل فهمه
العميق لرواية القرن التاسع العشر (فينوس في الفراء) و إخلاصه لإقتباسها المسرحي , على شخصية رزينة لن
تلهيها الفخاخ التي تنصبها آلهة البغاء الرومانية و نظيرتها الأغريقية أفرودايت على
الأرض بصورة فاندا الممثلة الهاوية .. رُبما!
بأعتماده على نص
محبوك في تحويل المسرحية لعمل سينمائي بلا ترهل أو إفتعال و إستغلال الكيمياء التي
جمعت زوجته أيمانويل سينر بالفرنسي المُميز ماثيو أمالريك في رائعة سابقة , يضعنا المخرج في إحدى متاهاته
العصرية (التي أكسبته سيزاره الرابع) بحركة كاميرا خبيثة , إضاءة ماكرة , و موسيقى ديسبلات
المشحونة بالغريزة بل و يذكرنا بأن علاقة (ميمي) بـ (أوسكار) , في رائعته يتيمة الجوائز Bitter
Moon، لم تمت حتى الآن و أن
إختلاط الأبيض بالأسود سيفرز لوناً جديداً .. من كل بُد !
0 التعليقات :
إرسال تعليق