كتب : محمد السجيني
التقييم : 4/5
بطولة : مارك فون سايدو ، ليف أولمان ، غيرترود فريد
إخراج : إنغمار بيرغمان (1968)
منذ فترة لا بأس بها
واحاول الكتابة عن انجمار بيرجمان ، ولا أعلَم تحديداً لماذا كان اختياري حينها
هذا الفيلم ، رُبّما لأنّ هذا الفيلم كان اوّل مُشاهداتي للرجُل وخرجت بقناعة مُهمّة
بالنسبة لي بعد هذا الفيلم ، قناعة تقول لي "لا تُشاهد افلام بيرجمَان
ليلاً !!" .
يُصنّف مُتابعي
السينما عادةً بيرجمان بأنّه المُتأمّل الأوّل ، والمُتأمّل الثاني هو الروسي
اندريه تاركوفيسكي ، و بغض النظر عن تفضيلي الشخصي للروسي
العظيم - أفضّله في الواقع عن اي مُخرج آخر - الّا ان تجربة بيرجمان عظيمة
، و مؤثّرة ، و صادقة ، و نافذة في العُمق ، بعد تنفيذ ثلاثيّته - The Silence و Winter Light و Through a Glass
Darkly- وبعد تُحفته الأعظم Persona - ربّما اكتب عنها قريباً
- يُقدّم الرجُل دراما نفسيّة تمتزج بالرُعب عن يوهان فنّان يتجه الي
الجُنون (يقوم بدوره مُمثل بيرجمان الأثير ماكس فون سيدو) مُتزوج من ألما (ليف اولمان) و يعيشان في بيت علي
جزيرة تبدو مهجورة ، يفقد الرجل قدرته على السيطرَة علي خياله ، و لا يستطيع كبح
نفسه و يبدأ في الايمَان بأن الاوهام التي يراها هي حقيقة واقعَة .
الرجُل ينتقد
البرجوازيّة السويديّة و يهاجم ساكني القصُور ، يُقدّم مآساة فنّان لا يحاول الناس
فهم فنّه ، و يضع بطليه هذه المرّة في كابُوس مُطبَق ، لا يدرِس الأمر اجتماعيّاً أو
منطقيّاً و لا يهتم بالمُعالجة حتّى ، يُقدّم أرق ، و ألم ، و هوَس ، و عُزلَة ، و
الأهَم من وجهَة نظري انّه يتعرَّض لثُنائيّة الماضي والشعور بالذنب ، يذكر يوهان ذات مرّة
ان والده طلب منّه ان يخلع ملابسه و يضربه بالعَصا ، و يذكر قصّة عن حبسه في صندوق
مُظلم ، القصّة مُهمة و تكشف جُزء كبير من تعقيد الفيلم ، الرجُل يُعاني من عُقدة
في طفولته ، مثلاً حين يري فتى يسير حوله اثناء صيد السمك ، يقتل الصبي بحجر علي
رأسه ، دلالة رمزيّة عن كُره الرجُل لطفولته وماضيه ورغبته الدائمَة في التخلُّص
منها .
مُشكلتي مع هذا
الفيلم عدم اتساق مُعالجته في كثير من مفاصله ، مشاهد غريبة لا علاقة لها بما
يحدُث - مشهد الأوركسترا علي سبيل المثال - مشاهد لا تُقدّم تفسيراً بأي حال من
الأحوَال وتضع المٌشاهد في حيرة حتي مع تكرار المُشاهدات ، أمرٌ لا يستطيع تفسيره
سوى بيرجمان نفسه !
على صعيد الصورة
الرجُل كعادته يُقدّم لقطات الكلوز اب بكثرة ، و يفرد مساحات طويلة من الصمت و الحركة
المحدودة للكاميرا - تحت ادارة زفن نيكفست - ويضبط الايقاع علي دواخل شخصيّاته ، و لا يتوانى
عن تعريتها .
الفيلم اعتبره الكثير
فيلم رُعب اكثر منه اثارة نفسيّة ، هو ليس من افضل افلام الرجُل ، لكنّه يبقى لي
مرحلة مُهمة في مشاهداتي اللاحقة له .
0 التعليقات :
إرسال تعليق