كتب
: أحمد أبو السعود
التقييم
: 4.5/5
بطولة
: كين أوغاتا ، سوميكو ساكاموتو ، تونبي هيداري
إخراج
: شوهي إيمامورا (1983)
قليلة
تلك الأفلام التي تضع المُشاهد فى مثل تلك الإشكاليات المتعلقة بتفهم دوافع شخصيات
يعتريها تشوهات إجتماعية فرضتها ظروف بيئية قاسية و تتركه متابعاً حتى النهاية و
مستغرقاً فى التفكير بما شاهده ، و الأهم أنه يضعك فى منطقة رفيعة و شائكة جداً
بين التفهم و التعاطف ، الموضوع هنا ليس له علاقة بالاستمتاع بجماليات فنية أو
فكرية فلا يوجد متعة في طلب زوج من زوجته بكل بساطة أن تمنح جسدها لأخيه الذى لم
يمر بأي تجارب جنسية لليلة واحدة فقط للحفاظ على توازن بيئي يُمكنهم من احتمال
ظروف تلك البيئة ؛ الفيلم بارع في استفزازك و توريطك بشكل أو بآخر وسط تلك الإشكاليات
التي يقدمها .
بناء الأحداث قائم شكلياً و داخلياً على تضادات وجودية و بيئية ، تبادل فصول العام
بين شتاء قارص يفرض عزلة مخيفة على سكان تلك القرية و تمتد تلك العزلة إلى صراع
قاسٍ للبقاء عندما تختفى الثلوج و يبدأ موسم الحصاد ، ذلك الصراع الذى تصل قسوته
إلى درجة دفن عائلة بأكملها حية تحت التراب ؛ في اللقطات الافتتاحية تظهر الملامح
البيئية المحيطة بتلك القرية ؛ جبال و غابات يُغطيها الثلج بالكامل ، ثم تظهر
البيوت كنقاط ضئيلة تكاد تختفى تحت طبيعة تلك الملامح ، العلاقة هنا بين الطبيعة و
البشر تتجسد بوضوح شديد في القانون الذى يُسير تلك القرية و هو أن كل من يصل إلى
السبعين من عمره عليه أن يصعد الجبل و يمكث هناك حتى يموت و كل من يخالف ذلك يصحبه
العار ما بقى من عمره ، فهل فرضت عليهم الطبيعة ذلك القانون ؟
يقدم لنا الفيلم تفاصيل حياة واحدة من أهم العائلات في تلك القرية ، أعضاء تلك الأسرة يزيدون ، و الطعام لن يكفي الجميع ، فلا مانع من التضحية بزوجة أحد أفراد الأسرة و دفنها مع عائلتها على الرغم من أنها تحمل في بطنها عضواً جديداً ، و الجدة النشيطة تقرر صعود الجبل رغم رغبة ابنها في عدم صعودها ، تلك الجدة تحاول طوال الفيلم أن تترك المنزل على حال جيد و متماسك مثلما كان و هي تديره استعداداً لرحلة الصعود للجبل ، نعود هنا للسؤال الذى طرحته : هل فرضت عليهم الطبيعة ذلك القانون ؟ هنا تكمن الإشكالية ، فالظروف البيئية فعلاً قاسية و ما دفع شخصاً ليسرق طعاماً هو نفس الدافع الذى جعل أهل القرية يدفنون هذا الشخص و عائلته أحياءً ، الموضوع هنا يتعدى فكرة التبرير أو محاولة إيجاد أسباب لشرح موقف معين ، يتبنى الفيلم أسلوباً و فكراً أكثر تجريداً و ميلاً إلى العرض الأفقي لحياة تلك القرية المدفونة وسط الجبال و الغابات ، لا يوجد تصاعدات درامية ، فما تراه من أحداث قد حدث من قبل و سيحدث ثانية فيما بعد ، الفيلم كان واضحاً جداً في تلك النقطة ، و حتى أي قصة فرعية متعلقة بتاريخ تلك القرية كحكاية الأب الذى غادر القرية رافضاً صعود الجبل هي للتأكيد على العلاقة الأزلية التي ربطت البيئة بسكان القرية ، علاقة دائمة مستمرة لن تتأثر برفض شخص الخضوع لتلك العلاقة .
ينطلق الفيلم من الظروف البيئية لتلك القرية إلى العلاقة بين الحياة و الموت ، و يرسم وتراً مشدوداً بين الاثنين ، فلكي تعيش فأعلم أنك ستموت ، و لذلك يأتي أقوى مشاهد الفيلم و أكثرها قسوة هو ذلك المشهد الذى يقرر فيه سكان القرية دفن بعض أفرادها تحت التراب أحياء ، يظل ذلك المشهد لصيقاً فى الذهن لمدة طويلة ، راسماً تلك الصورة القاسية عن الحياة و الموت داخل تلك القرية ، و تأتى رحلة الصعود للجبل في آخر الفيلم كشفاً واضحاً عن تلك العلاقة ، فها هو الابن يحمل أمه صاعداً بها في ظروف جبلية قاسية إلى الجبل الذى سيتركها فيه كي تموت و في أحد أقوى حوارات الفيلم و أكثرها مباشرةً أيضاً يقول الابن أنه بعد 25 سنة سيحمله ابنه إلى ذلك الجبل و هكذا ستستمر الدائرة كما كانت تدور بانتظام منذ مئات السنين .
بصرياً لا يستحي الفيلم من تجريد أحداثه إلى درجة الوضوح و المباشرة ، فها هي لقطات لحيوانات تتزواج أو تأكل بعضها تطاردك في كل جنبات الفيلم ، تلك الصور ليست للتأكيد على ما يريد أن يقوله الفيلم و لكنها لزيادة جرعة القسوة التي تطفح في حياة تلك القرية ، فلا فرق هنا بين البشر و الحيوانات ، قوانين الطبيعة تفرض نفسها على الجميع بدون استثناء و الكل يستجيب لها بأكثر الغرائز حيوانية على الإطلاق ، الغريب أن الطبيعة نفسها تظهر هنا جميلة و مذهلة ، مناظر الثلوج و الجبال و الغابات و الزرع و الحصاد تَسّر العين ، و تلك الإشكالية المرتبطة بالعلاقة بين الطبيعة و البشر تتجسد في لقطة بليغة في نهاية رحلة الصعود للجبل عندما يجدوا عشرات من الهياكل العظمية لأشخاص خضعوا لقانون القرية و قاموا بالرحلة و مكثوا في الجبل حتى ماتوا ، فهل كانت الطبيعة سبباً في ذلك المشهد القاسي ؟ أم كانت استجابة البشر لظروف تلك الطبيعة غشيمة و أنانية ؟
يقدم لنا الفيلم تفاصيل حياة واحدة من أهم العائلات في تلك القرية ، أعضاء تلك الأسرة يزيدون ، و الطعام لن يكفي الجميع ، فلا مانع من التضحية بزوجة أحد أفراد الأسرة و دفنها مع عائلتها على الرغم من أنها تحمل في بطنها عضواً جديداً ، و الجدة النشيطة تقرر صعود الجبل رغم رغبة ابنها في عدم صعودها ، تلك الجدة تحاول طوال الفيلم أن تترك المنزل على حال جيد و متماسك مثلما كان و هي تديره استعداداً لرحلة الصعود للجبل ، نعود هنا للسؤال الذى طرحته : هل فرضت عليهم الطبيعة ذلك القانون ؟ هنا تكمن الإشكالية ، فالظروف البيئية فعلاً قاسية و ما دفع شخصاً ليسرق طعاماً هو نفس الدافع الذى جعل أهل القرية يدفنون هذا الشخص و عائلته أحياءً ، الموضوع هنا يتعدى فكرة التبرير أو محاولة إيجاد أسباب لشرح موقف معين ، يتبنى الفيلم أسلوباً و فكراً أكثر تجريداً و ميلاً إلى العرض الأفقي لحياة تلك القرية المدفونة وسط الجبال و الغابات ، لا يوجد تصاعدات درامية ، فما تراه من أحداث قد حدث من قبل و سيحدث ثانية فيما بعد ، الفيلم كان واضحاً جداً في تلك النقطة ، و حتى أي قصة فرعية متعلقة بتاريخ تلك القرية كحكاية الأب الذى غادر القرية رافضاً صعود الجبل هي للتأكيد على العلاقة الأزلية التي ربطت البيئة بسكان القرية ، علاقة دائمة مستمرة لن تتأثر برفض شخص الخضوع لتلك العلاقة .
ينطلق الفيلم من الظروف البيئية لتلك القرية إلى العلاقة بين الحياة و الموت ، و يرسم وتراً مشدوداً بين الاثنين ، فلكي تعيش فأعلم أنك ستموت ، و لذلك يأتي أقوى مشاهد الفيلم و أكثرها قسوة هو ذلك المشهد الذى يقرر فيه سكان القرية دفن بعض أفرادها تحت التراب أحياء ، يظل ذلك المشهد لصيقاً فى الذهن لمدة طويلة ، راسماً تلك الصورة القاسية عن الحياة و الموت داخل تلك القرية ، و تأتى رحلة الصعود للجبل في آخر الفيلم كشفاً واضحاً عن تلك العلاقة ، فها هو الابن يحمل أمه صاعداً بها في ظروف جبلية قاسية إلى الجبل الذى سيتركها فيه كي تموت و في أحد أقوى حوارات الفيلم و أكثرها مباشرةً أيضاً يقول الابن أنه بعد 25 سنة سيحمله ابنه إلى ذلك الجبل و هكذا ستستمر الدائرة كما كانت تدور بانتظام منذ مئات السنين .
بصرياً لا يستحي الفيلم من تجريد أحداثه إلى درجة الوضوح و المباشرة ، فها هي لقطات لحيوانات تتزواج أو تأكل بعضها تطاردك في كل جنبات الفيلم ، تلك الصور ليست للتأكيد على ما يريد أن يقوله الفيلم و لكنها لزيادة جرعة القسوة التي تطفح في حياة تلك القرية ، فلا فرق هنا بين البشر و الحيوانات ، قوانين الطبيعة تفرض نفسها على الجميع بدون استثناء و الكل يستجيب لها بأكثر الغرائز حيوانية على الإطلاق ، الغريب أن الطبيعة نفسها تظهر هنا جميلة و مذهلة ، مناظر الثلوج و الجبال و الغابات و الزرع و الحصاد تَسّر العين ، و تلك الإشكالية المرتبطة بالعلاقة بين الطبيعة و البشر تتجسد في لقطة بليغة في نهاية رحلة الصعود للجبل عندما يجدوا عشرات من الهياكل العظمية لأشخاص خضعوا لقانون القرية و قاموا بالرحلة و مكثوا في الجبل حتى ماتوا ، فهل كانت الطبيعة سبباً في ذلك المشهد القاسي ؟ أم كانت استجابة البشر لظروف تلك الطبيعة غشيمة و أنانية ؟
0 التعليقات :
إرسال تعليق