كتب : فاطمة توفيق
التقييم : 4/5
بطولة : ساسكيا روزندال ، كاي
بيتر مالينا
إخراج : كيت شورتلاند (2012)
لو لم
ترشح لي صديقتي هذا الفيلم لم أكن لأسمع به ، تعجبت من ذلك الحقيقة ، وبعدما شاهدته
وبحثت عن الجوائز التي استلمها أو ترشح لها لم أجد منها أي من المهرجانات السينمائية
الكُبرى، ومع ذلك أنا أحب الأفلام التي تفاجئني ، وخصوصاً حينما تتعرض لقضية تم تناولها
كثيراً من قبل ولكن هذه المرة من خلال عرض مختلف.
الفيلم
يحكي قصة هينالوري واخوتها الأربعة وهم أبناء ضابط نازي كبير بعد سقوط الرايخ
وموت هتلر واعتقال والديها ، وهي التي تتولى رعايتهم والهرب بهم إلى
مكان آمن ، عندما قرأت ملخص الفيلم قبل مشاهدته وعرفت أنه سيتم مساعدتها من قِبَل من
تكرههم الفتاة توقعت أن تكون الفكرة مبتذلة وتقديمها سخيفاً من خلال إطار متوقع يقدم
اليهود كجنس طيب مضطهد طوال الوقت ، إلا أن الأمر لم يكن كذلك تماماً ، فعلى الرغم
من أن الأفلام التي تناولت قضية النازية واضطهاد اليهود كثيرة جداً بشكل أصاب تناول
القضية بالابتذال إلا أن تبني المخرجة كايت شورتلاند لتلك الرواية المأخوذ منها الفيلم كان مختلفاً ،
حيث أن الفكرة الرئيسية التي يقوم عليها الفيلم - بعيداً عن الأحداث التاريخية المبنية
عليها – تضعك في موقف محير أمام نفسك ، هل أنت تتعاطف مع الضحية لمجرد أنها تعرضت للاضطهاد
أم أنك لا تهتم بالأمر إن لم يمسك أو يمس من تتعاطف معهم ؟ ، وهل سيتغير موقفك بتغير
حقيقة الاشخاص ، وهل هناك حقيقة ثابتة في هذا العالم نستند عليها لنحكم على كل هذه
الأمور؟ ، ببساطة يمكن أخذ الفيلم كمثال أو رمز لكل القضايا التاريخية وتعاملها مع
الانسان ، وكيف تتغير الانسانية وأحكامها باختلاف انتمائها للأطراف المتناحرة.
وعلى
الرغم من اختلاف تناول القضية إلا أنه لم يكن ليتم تقديمها بهذا الشكل الجيد بدون التعرض
الدقيق لطبائع النفس البشرية وتغيراتها بشكل لا يجبرك على التعاطف المبتذل و إنما التفكير
، و أيضاً لم يكن ليتم ذلك بدون اختيار كاست قوي تنجح المخرجة من خلالهم في نقل ما
تقوله من خلال وجوههم وتعبيراتهم الصامتة في فيلمٍ الحوار فيه قليل ، وكان الأمر هنا
مغامرة قوية من المخرجة لأن أغلب الشخصيات من الأطفال ، كما أن ساسكيا روزندال الممثلة
التي أدت شخصية لوري لم يسبق لها التمثيل من قبل ، ولكن يظهر تماماً حسن اختيار المخرجة
لما قدمته هذه الممثلة الجديدة من أداءٍ قوي جداً.
كل تلك
العناصر المهمة من فكرة مختلفة و روايةٍ محكمة ومثيرة في أحداثها ، وطاقم ممثلين قوي
كافٍ جداً لصنع فيلم جيد جداً ، وأضف معهم أيضاً صورةً في غاية الجمال من تلك الطبيعة
الجميلة في غابات أوروبا التي على الرغم من خضرتها واتساعها التي تنقل بشكل ما طبيعة
نفوس هؤلاء الأطفال إلا ان المخرجة نجحت في جعل تلك الطبيعة مكاناً معبراً عن وحدتهم
و خوفهم و آلامهم و كانت إطاراً مميزاً وصادقاً ومُجمِلاً في جماله ورهبته عن كل ما
يحكي عنه الفيلم.
0 التعليقات :
إرسال تعليق