كتب : مصطفى فلاح
التقييم : 4.5/5
بطولة : أغاتا كلويشا ، يوانا كوليغ ، يرجي تريلا
إخراج : بافل بافليكوفسكي (2014)
البولنديون في السينما
هم فقط من يجيد التحدث عن بولندا , البلد الذي أشعل شرارة الحرب العالمية لينكوي
بنيرانها, بولندا ما بعد الحرب مُمزقة , مُتشرذمة , مصبوغة بأحمر الدم كما وثقّها فايدا ,
البولندي الكبير , في ملحمته مُرشحة الأوسكار Katyn ، قاطنوها (أكثر من 3 ملايين يهودي) وضعوا تحت المقصلة , من نجا تمنى لو
أنه لم يكن , و من فرّ ، لم يترك ورائه أثر !
عند الحديث عن هذا
البلد الأوربي , يكون المُحيط هو البطل دائماً و الشخصيات ثانوية , فالمخرج يخشى
(أو ربما يدرك) أنه لو أقترب كثيراً من الشخصيات التي لديه لأضطر المشاهد لإهمال
ذلك المحيط ، و هذا ما لا يريده !
(أيدا)
اليهودية راهبة في دير , لم تكن تعرف ذلك , ولدت مسيحية , أو هذا ما كانت تعتقد ! ،
لم تكن على دراية بوجود أقربائها أو على مقدرة الأتصال بهم , لم تبحث عن ماضيها
كثيراً , تخشى الخروج , ظناً منها أن بولندا سجن كبير لقاطنيها , مساحة الحرية
التي تجدها في الدير ، تكفيها ! ، و هذا ما لم يدم طويلاً بعد زيارة مفاجئة من
عمتها في محاولة لطي صفحات الماضي من جديد ، جمالية النص في أنه لا يتعامل مع هذا
الحدث المُفاجئ هذا كركن أساسي , لا ننتظر منه فكّ رموزه و حلّ أحجياته , لا
نُراقب شخصياته المحدودة لأن حدثاً مهماً سيضرب حياتهم , بل لفهم الحياة التي
يعيشونها ، و القرارات التي سيتخذونها !
حال أعماله الماضية ,
يوجه بافيلكوفسكي أصبع الأتهام للمُجتمع دون الفرد , يُلغي الروابط
التي من الممكن أن تُلزمه أتباع التقاليد , يُقدم ما يُريد بالطريقة التي يريد ؛
رؤيته الأخراجية لا تقل في قيمتها عن النص الذي شارك في كتابته , تدعمه كثيراً و
تتعامل معه بشكل مُكثف , يطوعها في التأمل في روحية و نُسكية راهبة الدير كما فعل
من قبله روبير بريسون مع كاهن المدينة في رائعته Diary of a Country
Priest ، فبالرغم من الإيقاع
البطئ و المدة القصيرة نسبياً للسرد , لا أعتقد أن عمله يحيد قيد أنملة عمّا
أبتغاه له .
فلم بافيلكوفسكي
الأخير ليس كلاسيكية بالضرورة , لكنه أحد تلك الأعمال التي تُجبر عاشق السينما على
أحترام نصها و أمتياز مُخرجه في التعامل معه , كما أنه من الأعمال المُعاصرة
القليلة التي تجد لها سبباً في أستخدام اللونين الأبيض و الأسود و قصر الشاشة بهما
, كما هي مُعالجة هانيكه لمجتمع ما قبل الحرب الأولى في The
White Ribbon ، و العتمة التي تحيط
بشخصيات بيلا تار أنصاف العقود , دلالة الشخصيات التي تم كيّها من قبل
الأقدار و ظروف الحياة بحيث لم تعد تتحدث ناهيك أن تشعر , كون أي لون آخر سيوحي
بالأمل ، و هذا ما لا يريده مخرجنا هنا ، أيضاً !
0 التعليقات :
إرسال تعليق