كتب
: محمد المصري
التقييم :
3.5/5
بطولة :
مارغريت لوكوود ، مايكل ريدغريف ، ماي ويتي
إخراج :
ألفريد هيتشكوك (1938)
هُناك أهميَّة حقيقية
لمشاهدة أفلام مُخرج ما بالتتابع في مدة قصيرة ، أمر يَمنحك الفُرصة للإمساك
بالمُتشابه ، تكوين فكرة عميقة عن الأسلوب ، والدوافع التي تحرك الصانع اتجاه
أعماله ، ويزداد الأمر أهمية حين تُشاهدها بترتيبٍ زمني ، تُصبح الرؤية أوسع حين
ترى بدايات كل شيء قبل أن يَكْبُر ويتطوَّر .
مؤخراً ، شاهدت ، بالتزامن مع قراءة كتاب "حوار
تروفو و هيتشكوك"، عدداً كبيراً من أعمال "السير
ألفريد"، كمشاهدةٍ أولى أو كإعادة ، و خلال الأسابيع المقبلة سأتناول
من خلال المدونة عدداً من أفلامه ، ليست الأفضل أو الأكثر قيمة بالضرورة ، ولكن الأعمال
التي حظت بأهمية حقيقية في سياق مسيرته وتطور أسلوبه .
لم يتسنَّ لي بعد رؤية أفلامه الصامتة ، لذلك فضلت البداية مع واحد من أهم أفلامه الإنجليزية ، الفيلم قبل الأخير في المملكة ، وأحد الأسباب الرئيسية في الانتقال إلى أمريكا بعد إنتاجه بعامين فقط ، قصة مثيرة بمجرد قراءتها ، تدور في أغلبها بداخل قطار ، حين تكتشف شابة صغيرة أن السيدة العجوز التي صاحبتها في بداية الرحلة اختفت من على متنه بشكل كامل ، والأغرب أن الجميع ينكر أنه قد رآها من الأساس .
هُناك سمات كلاسيكية جداً في هذا الفيلم أزعجتني ، وكان من المُهم متابعتها للتعرف على كيفية تخلص هيتشكوك منها لاحقاً ، المسحة الكوميدية المُبالغ فيها ، العلاقة بين بطل وبطلة سيكونون معاً بشكل رومانسي في النهاية ، كما أن العمل بكامله ينتهي بالنسبة لي عند فصل عربة القطار وإنقاذ السيدة ، الثلث ساعة الأخيرة من الفيلم قليلة القيمة وبها مشاكل تقنية كبيرة رغم طموح المَعركة التي أراد (هيتش) صنعها .
في المُقابل ، متابعة الساعة التي تحدث داخل القطار كافية تماماً لإدراك ما رأته هوليوود في هذا المخرج الإنجليزي الشاب مُختلف تماماً عن أي سينمائي آخر في ذلك الوقت ، الطريقة التي يخلق بها «كاركترات» مميزة ومثيرة للانتباه ، قبل أن ينتقل لحبكة خاطِفة : لُغز صغير متمثّل في اختفاء السيدة سرعان ما يلحقه بلغزٍ أكبر كثيراً عن إنكار الجميع رؤيتها ، التفاصيل المتناثرة التي يرميها طوال الوقت من أجل حصدها واستغلالها لاحقاً ، إنجاز نصي كبير– نظراً لحقبته - في حدث يدور أغلبه خلال الزمن الفعلي ، وإنجاز تقني أكبر يمكن إدراكه في جملة تروفو : "كنت أذهب لعرض الفيلم في باريس كل أسبوعين وفي بالي سؤال واحد : هل كان القطر يتحرَّك بشكل حقيقي أم لا؟".
هذا الفيلم مُهم جداً لأنه ، وأكثر من أي فيلم إنجليزي آخر أخرجه ، به الكثير من ألفريد هيتشكوك الذي سنعرفه بعد ذلك ، يمكن هنا مشاهدة الصورة الأولى للأشياء ، التي تطوَّرت لاحقاً لتخلق أفلام المخرج السينمائي الأعظم خلال العقدين التاليين .
0 التعليقات :
إرسال تعليق