الأحد، 13 أبريل 2014

Neighboring Sounds

كتب : فراس محمد

التقييم : 5/5

بطولة : إيراندير سانتوس ، مايف جينكينز
إخراج : كليبر ميندونسا فيلهو (2012)

طبيعة هذا الفلم الغير واضحة المعالم تفرض على مشاهديه اسلوب غير معتاد من التلقي ,  الفلم يخاطب مشاهديه بشكل غير واضح , يصعب معرفة إن كانت لغته مباشرة او غير مباشرة , بشكل يمكن اعتباره الفلم الاكثر تجديداً لعام 2012 ، عام Holy Motors و Cosmopolis و Rhino Season و Tabu .

قيمة هذا الفلم انه يستطيع المراوغة ,  فلم مراوغ , قيمته في الاحساس بالحلقة الناقصة , لدرجة يعطيك شعوراً بوجودها , و أن هذا الغموض كان مجرد وهم , الوهم الذي يستمر مخرج هذا الفلم بتركيبه بشكل مشهدي , يعطي ايحاء ان المُشاهد دخل متاهة وهمية , ذات جدران زجاجية , ترى بوابة البداية لكنك لا تعرف كيفية الوصول لها , تشاهد مشهد الختام ( بوابة النهاية) , لكنك لا تعرف لماذا قضيت طيلة دقائق الفلم محاولاً الوصول لها ,  عبقرية الفلم انه يوصل مشاهديه للنهاية مغمضي العينين .

إخراج هذا الفلم يملك مفتاح , دون أن يعطيك القفل , هذا الفلم يذكرني بالأفلام اليونانية في الفترة الاخيرة , التي تقوم بتركيب الفلم تركيباً يعتمد على إستقلالية المشهد , و ما يعبر عنه , لكن ما يريد أن يصل له هذا الفلم يختلف عن أفلام يارغوس لانثيموس صاحب تحفتي Dogtooth و  Alpsمثلاً , هذا في حال لم يكن هناك شك في أنه ثمة مكان يصل له ,  فلعبة الوهم هذه تستحوذ على اهتمام المُشاهد بشكل كامل كما لو أن الفلم يقدم حبكة أو قصة , والتمعن قليلاً بطريقة السرد الروتينية للغاية , تقول عكس ذلك .
 
الحي الذي يتكلم عنه كليبر ماندونغا فيلهو ,  تقطن فيه مجموعة من الأسر تنتمي لعائلة واحدة , علاقاتهم قد تبدو غير طبيعية , ولكنها كذلك , الفلم يوهمك انها غير طبيعية , اجراءات امنية مشددة لهذا الحي ,  أحد أفراد هذه العائلة يمارس السرقة , لكن لا سلطة عليه , والفلم ايضاً يوهمك أنه شخصية مريبة , لكنه ليس كذلك , سوف يقام في الحي برج ,  كما تلك الابراج التي تحيط الحي من كافة اطرافه ,  أبراج تبدو وكأنها حاجز اسمنتي بين عالمين ,  احدهما فقير , معدم , والآخر لهذه العائلة الثرية ,  و قد أعطى الفلم بعض الدلائل عما يعنيه هذا الامر وخصوصا في افتتاحيته ( الصور الفوتوغرافية السوداء والبيضاء , و مشهد السينما و محطة القطار المدمرة , الاطفال السود البشرة الذين يظهرون دون مبرر واضح في بعض المشاهد  ) , و لماذا هذه المنطقة المتحضرة نشأت في منطقة فقيرة كهذه ,  وكان هذا منبع الاحساس بغياب الأمان الذي يعيشه هذا الحي و هو نفسه قد يكون مصدر هذا الوهم الذي حاكه الفلم ,  عدم الاحساس بالأمان يجعل اي فعل او حدث ,  طارئ يأخذ ابعاداً جديدة , كل مشهد من مشاهد الفلم يعطي انذاراً مختلفاً , و يترك المُشاهد مترقباً على حافة الكرسي , ماذا سيحدث , ماذا سيحدث , هذا هو سؤال الفلم ,  الذي يطرحه مع كل مشهد ,  ولكن , الحقيقة , أن لا شيء يحدث , و إن حدث , فهو حدثٌ أقل من ان يُسأل أو يُستفسر عنه ,  ولكن ذكاء الفلم يعطيه أبعاداً اخرى , يحرض المادة الرمادية لدى المُشاهد للربط بين ما حدث , وما سيحدث , وما يتوقع حدوثه ,  للدرجة التي وصل فيها الفلم ,  لمشهد الختام ,  الحدث الغير اعتيادي الوحيد ,  الذي يشعر المشاهد بعاديته ,  بطبيعته , وكأن الفلم يستعمل هذا الوهم وهذا الترقب ليعتاد المُشاهد عليها ,  كما مشاهد القتل المتكررة في الافلام تجعل رؤية عملية القتل عملاً اعتيادياً ,  كما تكرار مشاهد الحرب في النشرات الاخبارية تجعل رؤية الجثث حدثاً اعتيادياً , الطريقة التي يمارس فيها هذا الفلم اسلوبه عبقريٌ جداً ,  يجعل هذا الفلم واحد من اهم و ابرز التجارب السينمائية التي قدمها عام 2012 ,  و للحقيقة , مشاهدة هذا الفلم توحي بأن ما زال هناك الكثير يُقدم في السينما سنوياً دون أن نمر عليه أو يأخذ حقه من المشاهدة والكتابة ,  وشكراً لمجلة Sight & Sound لوضعها الفلم في قائمتها ، يجب أن تؤخذ قائمة هذه المجلة دوماً بعين الاعتبار .

0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter